الأحد، 15 أبريل 2012

أول من أكتشف البنسلين

إنه ألكسندر فليمنج

ولد مكتشف "البنسلين" في "لوخفيلد" باسكتلندا عام 1881م ، وبعد تخرجه في المدرسة الطبية في لندن انشغل في دراسات التعقيم، وعندما التحق بالجيش البريطاني في الحرب العالمية الأولى، كان مهتما بالجروح والعدوى، ولاحظ أن الكثير من المطهرات تؤذى خلايا الجسم أكثر مما تؤذيها الميكروبات نفسها، ولذلك أيقن فليمنج أن الذي تحتاج إليه هو مادة تقضى على البكتيريا، وفي نفس الوقت لا تؤذى خلايا الجسم. وفي عام 1922م وبعد نهاية الحرب، ذهب فليمنج إلى معمله ليستكمل دراساته واهتدى إلى مادة أطلق عليها اسم "ليسوزيم"، وهذه المادة التي يفرزها الجسم الإنساني هي خليط من اللعاب و الدموع، وهي لا تؤذى خلايا الجسم، وتقضى على بعض الميكروبات، و لكنها لا تقضى على الميكروبات الضارة بالإنسان، ولم يكن هذا الاكتشاف شيئا عظيما على الرغم من طرافته. أما الاكتشاف العظيم لفليمنج فقد حدث في عام 1928م، عندما تعرضت إحدى مزارع البكتيريا للهواء وتسممت، ولاحظ فليمنج أن البكتيريا تذوب حول الفطريات في المزرعة التي أعدها في المعمل، واستنتج من ذلك أن البكتيريا تفرز مادة حول الفطريات، وأن هذه المادة قاتلة للبكتيريا العنقودية، وليست سامة للإنسان أو الحيوان وأطلق عليها اسم "البنسلين" البكتيريا المقاومة هناك عدة أنواع من "البنسلينات" يتم الحصول عليها من العفن الذي ينتمي إلى جنس "البنسيليوم" بعد معالجتها بطرق مختلفة، وإضافة لهذه "البنسلينات" الطبيعية توجد بعض الأنواع شبه الاصطناعية الستخلصة عن طريق المعالجة الكيميائية لبعض "البنسلينات" الطبيعية، ومن هذه الأنواع عقاقير "الأمبيسلين" و"الأموكسيسلين" و"البنسلين 5". وتفتك "البنسلينات" بالبكتيريا عن طريق منع تكوين الجدار الخلوي المتيبس الذي تحتاج إليه البكتيريا كي تعيش، ولا يؤثر "البنسلين" في الخلية الحيوانية، فخلايا الإنسان والحيوان ليس لها جدران خلوية متيبسة كما في البكتيريا. وتُعطى بعض "البنسلينات" بالفم، وبعضها الآخر لا يعطى إلا عن طريق الحقن، وذلك لتأثرها وتفككها بأحماض المعدة قبل امتصاصها ووصولها للدم، ولا تسبب تأثيرات جانبية إلا في بعض المرضى ذوي الحساسية لهذه العقاقير، حيث تسبب بعض الأعراض مثل الحمى والطفح الجلدي، وقد تسبب تأثيرات خطرة مثل صعوبة التنفس وحدوث الصدمات، فإذا أصيب إنسان بالحساسية لأي من أنواع "البنسلينات"، فعليه أن يكون حذرًا من جميع أنواع "البنسلينات" الأخرى. وقد واجهت الأطباء بعض المشكلات عند استخدام عقار "بنسلين ج"، فقد اكتشفوا عجز الجسم عن امتصاصه وإيصاله.

الثلاثاء، 10 أبريل 2012

أول من اكتشف الجاذبية الأرضية

مماهو شائع حتى اليوم أن أول من أدرك قانون الجاذبية في التاريخ هو ( إسحاق نيوتن ) ، حيث اكتشف نيوتن أن ما يحدث فوق الأرض من جاذبية هو نفسه مايحدث في السماء من جاذبية بين الأجرام السماوية ، فحين سقطت فوق رأسه تفاحة نتيجة جاذبية الأرض استرعت انتباهه حالاً ، فقام لتوه بحساب قوة الجاذبية بين الأرض والقمر ، وبالتالي عرفنا خلال ذلك أوجه الشبه بين سقوط التفاحة وتحرك القمر في مداره حول الأرض ..
ومن غير شك فإن نظرية الجاذبية أو التأثير عن بعد تعتمد على هذا الارتباط .. لكن الغريب بالأمر أن نيوتن لم يكن أول من اكتشف ذلك . فقد سبقه بمئات السنين أربع علماء من أعلام الحضارة الإسلامية ..
تحدثوا عن الجاذبية بدقة وضوح ، ومن هؤلاء الذين استطعنا رصد اكتشافاتهم : ابن الحائك الهمذاني ، وابن الهيثم ، والخازن ، وابن ملكا ، و البيروني ...
- أما الهمذاني (الحسن بن أحمد بن يعقوب) فهو أول من تحدث في الجاذبية الأرضية ، وأول من قال أن الهواء إذا انقطع وخلا منه مكان ما تنعدم الحياة. وجاء حديثه عن الجاذبية في كتابه ( الجوهرتان العتيقتان المائعتان الصفراء والبيضاء في الكيمياء والطبيعة ) ، وقال فيه ..
(( فمن كان تحتها ( أي نصف الكرة الجنوبي ) فهو في الثبات في قامته كمن فوقها ، ومسقطه وقدمه على سطحها الأسفل كمسقطه إلى سطحها الأعلى ، وكثبات قدميه عليه : فهي بمنزلة حجر المعناطيس الذي تجذب قواه الحديد إلى كل الجوانب ، فأما من كان فوقها فإن قوته وقوة الأرض تجتمعان على جذبه ومادار به ، فالأرض أغلَب عليه بالجذب لأن القهر من هذه الحجارة لا يرفع العلاة ولا سفلة الحداد )) ..
وبهذا يكون الهمذاني هو القائل بقانون الجاذبية ويكون بذلك قد سبق نيوتن بأكثر من ثمانية قرون ..
- وشرح ذلك محمد بن عمر الرازي في أواخر القرن السادس الهجري قائلاً بأننا " إذا رمينا المدرة إلى فوق ، فإنها ترجع إلى أسفل ، ومن ذلك نعلم أن فيها قوة تقتضي الهبوط إلى أسفل ؛ لذا إذا رميناها إلى فوق أعادتها تلك القوة إلى أسفل " ..
- تناول البيروني قوى الجاذبية في كتابه القانون المسعودي ، فعنده " أن السماء تجذب الأرض من كل الأنحاء على السواء ، إلا أن جذبها لكتلة الأرض أشد من جذبها للأجزاء الأخرى خاصة إذا لم تكن هذه الأجزاء متصلة بالأرض أو كانت بعيدة عنها، فحينئذ لا تتمكن السماء من جذبها إليها لأنها تكون خاضعة لمجال جذب الأرض لها " ؛ وبذلك يشير إلى نوعين من الجاذبية هما : جاذبية السماء للأرض ، وجاذبية الأرض لما فوقها وحولها؛
فالشيء ينجذب إلى النطاق الذي يقع في مجاله وإن كان هو ونطاقه منجذبيْن بدورهما إلى جرم السماء ..
والبشر بحكم وجودهم على سطح الأرض فهم منجذبون إليها ، وهي بدورها منجذبة إلى السماء ، ويبلغ ذلك الجذب أقصاه في باطن الأرض من حيث تنطلق الجاذبية الأرضية و¸الناس على الأرض منتصبوا القامات على استقامة أقطار الكرة ، وعليها أيضًا تزول الأثقال إلى الأسفل ..
- والعالم الآخر الذي تكلم في أبحاثه عن الجاذبية هو عبد الرحمن الخازن ، الذي أوضح أن الأجسام تتجه في سقوطها إلى الأرض ، وقال : (( إن ذلك ناتج عن قوة تجذب هذه الأجسام باتجاه مركز الأرض )) ..
ورأى الخازن أن اختلاف قوة الجذب تتبع المسافة بين الجسم وهذا المركز ، فقال : (( إن التثاقل واتجاه قواه إلى مركز الأرض دائماً )) ..
- أما ابن ملكا البغدادي ، فقد تحدث عن التساقط الحر للأجسام ، يقول في ذلك : (( فكل حركة طبيعية فعلى استقامة )) ..
ويقول : (( ثم سماء بعد سماء كل في حيزه الطبيعي ،إلا أن هذه التي تلينا تسكن في أحيازها الطبيعية
وتتحرك إليها – إذا أخرجها مخرج عنها – حركة مستقيمة تعيدها في أقرب مسافة إليها على ما يرى )) ..
وكذلك أيقن ابن ملكا أنه لولا تعرض الأجسام الساقطة سقوطاً حراً لمقاومة الهواء لتساقطت الأجسام
المختلفة الثقل والهيئة بنفس السرعة ، وبذلك يكون ابن ملكا أول من نقض القول المأثور عن أرسطو طاليس
بتناسب سرعة سقوط الأجسام مع أثقالها ، وهو قول خاطئ ..
فيكون بذلك ابن ملكا والهمذاني والخازن و غيرهم من اوائل
علماء الحضارة الإسلامية الذين تكلموا في قانون الجاذبية الأرضية قبل اسحاق نيوتن بحوالي
خمسة قرون من الزمان ..

الأحد، 8 أبريل 2012

أول مسجد في الأرض

أول بيت وضع للناس، ورفع عـلى قديم الأسـاس، بني مثالا للبيت المعـمور، ودعى إليه كل مأمور، وأذن إبراهيم صلوات الله عليه بالحج، ودعا إليه الناس فأتوه من كل فج، حجته الملائكة قبل آدم، وجاءته وعهده ما تقادم، ويقـال أنه لم يبق نبي حتى حـجه، ويعـد عدة أنبيـاء دفنوا في الحجـر منه، ولم تزل شعـائره مكرمة، ومشاعره محرمـة، عظم في الجاهلية والإسلام، وحرم من حيث بنيت الأعلام " وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ " وهو البـيت المحجـوج المحجـوب، والمقصـود بالزيارة قصـد الوجوب، وبه الحجـر الأسود الذي هو يمين الله في أرضـه، والشاهد لمن حج وقبله بأداء فرضه، سـماء الدعاء، وحرم تحريم الدماء، يأمن به الحمام ساكنا، ومن دخله كان آمنا.
قال الله تعالى: "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا "
وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قلت: " يا رسـول الله: أي مسـجـد وضع في الأرض؟ , قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قـال: المسجد الأقصى. قلت: كـم بينهما؟ قـال: "أربعون سنة" " رواه البخاري , وأبو عروبة وزاد: (وأينما أدركتك الصلاة فهو مسجد).
قال ابن جـرير الطبري اختلف أهل التأويل في قوله تعالى: " إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ " فقال بعضهم: تأويله أن أول بيت وضع للناس يعبـد الله فيه، مـباركا وهدى للعالمين للذي ببكة، قالوا: وليس هو أول بيت وضع في الأرض لأنه قـد كان قـبله بيوت كـثيـرة. ثم أسند هذا القول عن علي بـن أبي طالب والحسن ومطر وسعيد وأظنه ابن جبير، ثم قال: وقال آخرون: بل هو أول بيت وضع للناس. واختلف هؤلاء في صفة وصفه أول، فـقال بعـضهم: خلقه قبل الأرض، ثم دحـيت الأرض من تحته. وأسند هذا عن عبد الله بن عمرو بن العـاص، وقـال: خلق الله البـيت قـبل الأرض بألفي سنة، وكان عرشه على الماء، على زبدة بيضاء، فدحيت الأرض من تحته. ونـحوه عن مجاهد وقـتادة والسدي، وقال آخـرون: موضع الكعبـة موضع أول بيت وضـعه الله في الأرض. وأسند عن قـتادة قـال: ذكـر لنا أن البـيت هبط مع آدم حين أهبط، قال الله: أهبط مـعك بيتي يطاف به كما يطاف حول عرشي، فطاف حوله آدم ومن كان بعده من المؤمنين، حـتى إذا كان زمن الطوفان، رفعه الله وطهره من أن تصيبه عقوبة أهل الأرض، فصار مغمورا في السـماء، ثم إن إبراهيم تبع منه أثرا بعد ذلك فبناه على أساس قديم كان قبله.
وقوله تعالى: " لَلَّذِي بِبَكَّةَ " يعني للبيت الذي ببكة، قال الـزمخـشري: وهو علم البلد الحـرام، ومكة وبكة لغتان، وقيل: مكة البلد وبكة مـوضع المسجد، وقيل: بكة موضـع البيت ومكة مـا حوله، وقيل: بكـة البيت والمسـجد ومكة الحـرم كله. وقـال عطاء بن أبي رباح: وجه آدم إلى مكة حـين استـوحش، فشكر ذلك إلى الله عز وجل في دعائه، فلما انتهى إلى مكة أنزل يطوف به حتى أنزل الله الطوفان، فرفعت تلك الياقوته حتى بعث الله عـز وجل إبراهيم فـبناه. فذاك قـول الله تعـالى: " وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ " رواه أبو عروبة.
وروى أبو الوليد الأزرقي بسنده عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: إن الله تبارك وتعالى بعث ملائكة فقال: ابنوا لي بناء في أرض تمثال البيت , وقدره، وأمر الله من في الأرض من خلقه أن يطوفوا به كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور.
قال: وكان هذا قبل خلق آدم عليه السلام، والله أعلم.
وقيل: إن آدم أول من بناها، وقـيل: شيث بن آدم، وكانت قبل بنائه خيمة من ياقوتة حمراء يطوف بها آدم.
وروى سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: ذكر لنا أن قواعد البـيت من حراء. وذكر لنا أن البيت من خـمسة أجبل: حـراء ولبنان والجودي وطور سـيناء وطور زنتا. وقال ابن جريج: بني أساس البيت من خمسة أجبل. فـذكر مثله، ونقل السهيلي أن الملائكة كـانت تأتي إبراهيم عليه السلام بالحجارة.
وقـيل: رفعت الكعـبة في الطوفـان، وأودع الحجـر الأسـود أبا قبـيس وبقي موضـعـها ربوة حـجهـا هود وصالح، فيقال أن يعرب قال لهود: ألا تبينه؟ قال: إنما يبنيه نبي يتـخذه الله خليلا. ولما بناه إبراهيم دلتـه عليه السكينة وكانت تنزل عليه كالحجفة.

أول من ركب الخيل

هو نبي الله اسماعيل عليه السلام
روى الزبير بن بكار من حديث داود بن الحسين عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كانت الخيل وحوشاً لا تركب، فأول من ركبها إسماعيل فلذلك سميت العراب".
وروى الواقدي عن عبد الله بن يزيد الهلالي، عن مسلم، عن جندب، أن: "أول من ركب الخيل، إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام وإنما كانت وحشاً لا تطاق حتى سخرت له".
وروى أحمد بن سليمان النجار، بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما: "كانت الخيل وحشاً كسائر الوحوش، فلما أذن الله عز وجل لإبراهيم وإسماعيل برفع القواعد من البيت، قال عز وجل: إني معطيكما كنزاً ادخرته لكما، ثم أوحى الله إلى إسماعيل أن اخرج وادع بذلك الكنز فخرج إسماعيل وما يدري ما الدعاء ولا الكنز، حتى أتى (أجياد)، فألهمه الله عز وجل الدعاء، فنادى يا خيل الله أجيبي، فلم يبق فرس بأرض العرب إلا أجابته ومكنته من نواصيها، وذللت له ثم قال: فاركبوها واعتقدوها فإنها ميامين وإنها ميراث أبيكم إسماعيل عليه السلام؛ وأجياد اسم جبل بمكة.
وأول من سخرها وركبها من ملوك الفرس طهمورث، وأول من اتخذ السروج من ملوك الفرس، أفريدون بن أسفنان. وأول من اتخذ اللجم وأنعل الخيل بالحديد من العرب، أرحب الهمداني وفي ذلك يقول مالك بن بلالة بن أرحب:
أمرت بإيتاء اللجام فأبدعت ... وأنعلت خيلي في المسير حديدا
وأرحب جدي كان أحدث قبلنا ... ولو نطقت كانت بذاك شهودا
وقد كانت العرب تركبها بالرحالة وتتخذ من جلود الغنم بأصوافها، وتخشى صوفاً، أو ليفاً لتكون أخف بالطلب، وهي المعروفة في القطر الشامي بالمكدعة. والبراق: دابة دون البغل وفوق الحمار، أبيض، مضطرب الأذنين، كالفرس وجهاً وعرفاً، وكالبعير قوائم، والبقر ذنباً، وأظلافاً يضع حافره عند منتهى طرفه، إذا أخذ في هبوط طالت يداه وإذا أخذ في صعود طالت رجلاه، أعده الله تعالى لركوب الرسل الكرام، عليهم من الله تعالى أفضل التحية وأكمل السلام.

مقدمة في نشأة الخيل وأول من ركبها من العرب

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أول من خلق الله من الخيل خلق فرساً كميتاً، وقال عز وجل: خلقتك عربياً وفضلتك، على سائر ما خلقت من البهائم بسعة الرزق والغنائم، تقاد على ظهرك والخير معقود بناصيتك، ثم أرسله فصهل: فقال جل وعلا: يا كميت! بصيلك أرهب المشركين، وأملأ مسامعهم، وأزلزل أقدامهم، ثم وسمة بغرة وتحجيل.
والسبب في خلق أول فرس كميتاً محاكاة لآدم عليه السلام، لأنه سمي آدم من الأدمة، وهي السمرة، والكميتة في الخيل تحاكي السمرة في الآدميين، فكان أول مخلوق من البشر أسمر وكذا أول فرس؛ وهذا دليل على شرفه ويمنه. فلما خلق الله آدم قال: "يا آدم! اختر أي الدابتين، يعني الفرس أو البراق فقال: يا جبريل اخترت أحسنهما وجهاً، وهو الفرس فقال تعالى: يا آدم! اخترت عزك وعز ولدك باقياً ما بقوا وخالداً ما خلدوا".
وسئل صفي الدين السبكي أكان خلقها قبل آدم أم بعده؟ فقال: "قبله بدليل قوله تعالى: (خلق لكم ما في الأرض جميعاً) فالأرض وما فيها خلقها الله تعالى إكراماً لآدم وأولاده، والعظيم يهيأ له ما يحتاج إليه قبل قدومه"، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لما سمعت الملائكة صفة الفرس وعاينوا خلقها، قالت: رب نحن ملائكتك نسبحك، ونحمدك، فماذا لنا؟ فخلق لها خيلاً بلقاً، أعناقها كأعناق البخت يمد بها من يشاء من أنبيائه ورسله".

المصدر : كتاب نخبة عقد الأجياد في الصافنات الجياد

ماهي أول صلاة في الإسلام؟

أول صلاة ظهرت في الإسلام هي صلاة الظهر، ولهذا سميت ظهراً، وتسمى الأولى عند بعضهم لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد فرض الصلاة ليلة الإسراء، جاء ذلك في آثار كثيرة عن بعض الصحابة والتابعين، ويستأنس له بما في صحيح البخاري عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس.... الحديث.
قال الحافظ في الفتح: قيل لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم حين بين له الصلوات الخمس، وقيل لأنها أول صلاة النهار.
وقد روى الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة وأبي سعيد أن أول صلاة فرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هي صلاة الظهر.
وقد جاء ذلك مفصلاً في مصنف عبد الرزاق عن الحسن قال: أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَار، فكانت أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، فأتاه جبريل فقال: وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ. فقام جبرائيل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والنبي خلفه ثم الناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم والنساء خلف الرجال، قال: فصلى بهم الظهر أربعاً... الحديث.
وبناءً على هذه الآثار، فإن أول صلاة ظهرت في الإسلام هي صلاة الظهر.

الخميس، 5 أبريل 2012

أول من حاول الطيران

هو أبو القاسم عباس بن فرناس بن فرداس مخترع وفيلسوف وشاعر أندلسي من قرطبة. عاش في عصر الخليفة الأموي الحكم بن هشام وعبدالرحمن الناصر لدين الله ومحمد بن عبد الرحمن الأوسط في القرن التاسع للميلاد. كان له اهتمامات في الرياضيات والفلك والكيمياء والفيزياء. اشتهر أكثر ما اشتهر بمحاولته الطيران إذ يعده العرب والمسلمين أول طيار في التاريخ. توفي في حدود عام 888 م.

تبحره في الشعر و معرفته في الفلك مكنتا له من ان يدخل الى مجلس عبدالرحمن الناصر لدين الله المعروف بالثاني. ولكنه استمر في التردد على مجلس خليفته في الحكم محمد بن عبد الرحمن الأوسط (852-886), لكثرة اختراعاته, و التي ذكر بعضها المؤرخون. اخترع ابن فرناس ساعة مائية سماها ، الميقاتا. وهو اول من وضع تقنيات التعامل مع الكريستال; صنع عدة ادوات لمراقبة النجوم.

ومن الواضح حسب المصادر أن عباس بن فرناس قام بتجربته في الطيران بعد أبحاث وتجارب عدة وقد قام بشرح تلك الأبحاث أمام جمع من الناس دعاهم ليريهم مغامرته القائمة على الأسس العلمية، ويقول أحد المؤرخين «فاحتال في تطيير جثمانه، وكسا نفسه الريش على الحرير، فتهيأ له أن استطار في الجو ، فحلق فيه حتى وقع على مسافة بعيدة».

وتكريما له سمي جزء من القمر باسمه و يعرف بابن فرناس لونر كورتر

قامت بداية الحضارة الأولى محاكاة للطبيعة، من حيوان ونبات وغيرهما؛ لذلك حاول الإنسان القديم تقليد الحيوان في جملة من أنماط حياته، والطيران من هذه الأنماط التي حاكى بها الإنسان الطير.

ثم تاقت نفسه إلى ارتياد عالم الجو، وهي مجهولة عنده، فنهضت محاولات بدائية لتحقيق فكرة الطيران، كما وضح من كشف حضاري جديد، قام به العالم الطبيب هافير كابريردارك، الذي درس حضارة الإنسان القديم في بيرو، ورأى أن إنسان النياندرتال، قد أفلح في تدجين الحيوان الطائر المعروف بـ "الرتيلاء" حيث استخدمه في الطيران، وافترض أن تكون هناك في أراضي بيرو شوارع منظمة تشبه المطارات اليوم.. وهذه فرضية علمية لو صحَّت لغيرت معالم تاريخ الحضارة البشرية؛ إذ إن تاريخ نشوء هذه الحضارة يعود إلى 150 - 200 ألف سنة من عمر الزمن.

ثم عرفت حضارات أخرى عالم الطيران، وذلك في دنيا الخيال والأسطورة كما هو الشأن في الأسطورة اليونانية، التي تقول إن رجلاً يدعى: "ددالوس" وولده "أكاروس" حاولا الطيران، واستعمل كل منهما جناحين من أجنحة الطيور، وثبتاها في جسميهما بالشمع، وطار "ددالوس" بأمان إلى أن صهر الشمع، فسقط في البحر ومات غرقاً.

وبقى غزو الفضاء عند الإنسان ضربًا من الخرافة، وعاش في عالم الأحلام والأساطير، حتى عرفت الحضارة الإسلامية عالم الفضاء وفق أسس علمية مدروسة، منزهة عن ترهات الخرافة والأوهام.

فكانت مباحث أولاد موسى، وثابت بن منصور والخوارزمي والبتاني، ويحيى بن منصور بداية لتطور علم الفضاء عند المسلمين، ثم شد من أزر هذه الطائفة من علماء المسلمين، جهد علماء الفلك المسلمين، بدراساتهم العميقة في "علم الفلك" ، وفي أفياء الحضارة الإسلامية، نهض علماء أفذاذ إلى إجراء التجارب في عالم الطيران. وهذه البدايات كانت المحاولات الرائدة في ارتياد عالم الفضاء.

ومن هؤلاء الرواد الأوائل الذين تدين لجهودهم العلمية حضارة اليوم بالفضل، عالم مسلم فذ، عالج فنونًا من شتى أبواب المعرفة، واشتغل في صناعات مختلفة، حتى عرف بـ "حكيم الأندلس" والحكمة تطلق عند المسلمين على الاشتغال بصنعة الكيمياء والطب. فمن هو حكيم الأندلس؟

هو أبو القاسم، عباس بن فرناس بن فرداس، من أهل قرطبة، وابن فرناس، رجل متعدد المواهب العلمية، فهو: فيلسوف، وكيميائي، وفيزيائي، وفلكي، ذاع نجمه في الأندلس، وفي قرطبة ، وعايش ثلاثة من خلفاء بني أمية، وهم: الحكم بن هشام، وولده عبد الرحمن بن الحكم، وحفيده محمد بن عبد الرحمن. وقد ضنت مظان الفكر الإسلامي على إيضاح معالم حياة هذا العبقري الفذ، فتخارست عن تبيان نشأته ومعرفة حياته.

الرائد الأول للطيران
من الواضح أن ابن فرناس لم يقم بتجربته الرائعة بوحي من الخيال، إنما قام بها على أساس من البحث والدرس في ميادين العلم، وبخاصة في الفلك والفيزياء.

وكان كثيراً ما يقوم بشرح نظريته في الطيران لرواد منتديات الخلافة في قرطبة.. نتيجة لدراساته في الرياضيات والفلك.. لذلك قام بتجربته الخطرة، أمام جمٍّع غفير من أهالي قرطبة، وفيها ما فيها من إيماءات علمية نادرة، فضلاً عن كونها مغامرة بارعة "فاحتال في تطيير جثمانه، وكسا نفسه الريش على الحرير، فتهيأ له أن استطار في الجو ، فحلق فيه حتى وقع على مسافة بعيدة".

وهذا النص يكفي لتفسير أبعاد هذه التجربة العلمية الفذة، حيث إن ابن فرناس بناها عل دراسة فائقة في الفيزياء والفلك. وفي العصر الحديث، نتذكر أمر الطائرات الشراعية، واتخاذ مظلات الهبوط من الحرير.

ومحاولة ابن فرناس هذه بداية الطريق لولوج عالم الفضاء، وربما كان أثر الحسد الذي ناله من بعض معاصريه قد منعه من إعادة تجربته على أساس جديد من العلم، حيث إنه لم يحسن الاحتيال في هبوطه، فتأذى في مؤخره، وقد تناقل المؤرخون مقولة إنه: لم يدر أن الطائر إنما يقع على زمكه (ذيله) ولم يعمل له ذنبًا.. وذكروا قول مؤمن بن سعيد أحد شعراء عصره.. وهو الذي يسخر فيه منه:

بطم على العنقاء في طيرانها إذا ما كسا جثمانه ريش قشعم
وهذه المقولة من نسيج خيال المؤرخين؛ لأن الرجل الذي يتخذ من الحرير والريش جناحين له كان يعلم السر في خفة هذين النوعين.. ولا يمكن أن يخفى عليه صنع الذيل.. كما أنه كان يشرح للخليفة كيفية طيران الطير ، ولبراعة ابن فرناس في علم الفلك، تمكن من صنع هيئة السماء في بيته، وخيَّل للناظر فيها النجوم والرعود والبروق والغيوم.

وتبع ابن فرناس، عالمان عربيان آخران، الأول أبو العباس الجوهري، العالم اللغوي صاحب معجم (تاج اللغة وصحاح العربية/ الصحاح) المُتَوَفَّى سنة 393هـ فقد قام الجوهري بتجربته الفريدة هذه في نيسابور؛ حيث صنع جناحين من خشب وربطهما بحبل، وصعد سطح مسجد بلده، وحاول الطيران، أمام حشد من أبناء مصره، إلا أن النجاح لم يحالفه فسقط شهيد العلم.

والعالم الثاني، لا تذكر مظان التاريخ اسمه، عاش هذا العالم في مدينة القسطنطينية، فدرس التجارب التي قام بها من سبقه من الرواد فتوصل إلى أن أجنحة الريش لا تصلح لطيران الإنسان، ورأى أن يصنع أجنحة من القماش فقام بتجربة أمام الناس، وكان من بينهم الإمبراطور البيزنطي كوفينوس ونخبة من حاشيته فحاول الطيران من رأس برج عال، إلا أن أمله تحطم بعد أن أسلم نفسه للريح، حيث إن جناحي الخشب لم يقويا على حمله، وكان ذلك في حدود سنة 1100م.

فهؤلاء الثلاثة، هم رواد الفضاء، ولهم يعود الفضل الكبير في تقدم علوم الفضاء، التي أخذت تتطور طيلة ثمانية قرون، حتى تمكن الأخوان أورفيل ويلبار من الطيران بواسطة الطيران الآلي.

أول شهيدة فى الإسلام

إنها سمية بنت خياط

ما كادتْ تسمع بدعوة النبي ( حتى دخلتْ فى دين الله تعالى، فلما راح المشركون يعذبون من آمن، فصبُّوا عليها من عذابهم قسطًا كبيرًا عساها ترتد وترجع، فأبت إلا الإسلام، فقتلوها، فكانت أول شهيدة فى الإسلام.
إنها الصحابية الجليلة، سُمَـيّة بنتُ خَـيَّاط، زوجة ياسر، وأم عمار -رضى الله عنهم-.
كانت مولاة لأبى حذيفة بن المغيرة المخزومي، وكان ياسر حليفًا لأبى حذيفة، فزّوجه من سمية، فولدت له عَمّارًا، ولما ظهرتْ فى مكة دعوةُ الإسلام سبقتْ إليها سمية وابنها عمار، ثم لحق بهما زوجها. قال مجاهد: أول من أظهر الإسلام بمكة، سبعة: رسول الله، وأبو بكر، وبلال، وخَبَّاب، وصُهَيْب، وعمَّار، وسُمَيَّة.
وأخذ أهل مكة يعذبون من أسلم. فقام آل بنى المغيرة بتعذيب سمية؛ لترجع عن دينها، ولكن هيهات هيهات، فالإيمان قد استقر فى قلبها، فلا يزحزحه أى تعذيب أو اضطهاد.
وكان ( يمر على المعذبين من المسلمين يوصيهم بالصبر، وكلما مر على سمية وزوجها ياسر، وابنهما عمار، وهم يعذبون العذاب الشديد يقول: "صبرًا آل ياسر، إن موعدكم الجنة" [الطبراني].
وإن كان صبر الرجال المسلمين على العذاب الشديد عجيبًا، فأعجب منه أن تصبر عليه امرأة، وصبرها على التمسك بدينها يهون إلى جانبه الصبر على الألم، مهما زاد واشتد.
وذات يوم مر عليها أبو جهل فسمعها تردد كلمات الإيمان: أحد. أحد. الله أكبر. الله أكبر. فأمرها أن تكفر بمحمد ( ودينه، فامتنعت، فأخذ حربة فطعنها بها، فسقطت شهيدة، وكانت -رضى الله عنها- كبيرة السن، عظيمة الإيمان، ضعيفة الجسم، قوية اليقين، رمزًا للصمود، وأمارة على قوة العقيدة، فلما كان يوم بدر قتل أبو جهل، فقال النبي ( لعمار: "قتل الله قاتل أمِّك" [ابن سعد].

أول من وضع النقاط على الحروف

كانت الكتابة في أول الأمر غير معجمة (غير منقوطة) ، ولا مقيدة بحركات (الفتحة،الضمة،الكسرة،السكون) فلما فشا اللحن (انتشر) والتوت الألسنة فكر العلماء بنقط الحروف، وتَذكُرُ الأخبارُ ثلا ثة أسماء في هذا المجال (أي العلماء الذين وضعوا نقط الحروف) وهم:
أبو الأسود الدؤلي، نصر بن عاصم، يحيى بن يعمر.
-أما أبو الأسود الدّؤلي فقد جاء إلى زياد فقال له: "أبغني كاتبا يفهم عني ما أقول (ياخذ الحركة من فمه إذا فتح فمه بالحرف وضع نقطة أعلى الحرف وإذا كسر وضع نقطة أسفل الحرف) فجيء برجل من عبد القيس، فلم يرض أبو الأسود فهمه، فأتي بآخر من قريش، فقال له-أبو الأسود- :إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة أعلاه، وإذا ضممت فمي فانقط نقطة بين يدي الحرف(أي داخل الحرف أو أمامه)، وإذا كسرت فمي فاجعل النقطة تحت الحرف، فإذا أتبعت شيأ من ذلك( أي أتبع فتح الفم أو ضمه أو كسره) غنّة(فالغنة لغة صوت له رنين في الخيشوم وفي اصطلاح علماء التجويد صوت خفيف يخرج من الخيشوم ولا عمل فيه للسان وتمد.)فاجعل النقطة نقتطين، ففعل ذلك- الرجل الذي من قريش فعل ما آمره به أبو الأسود- هذا نقط أبي الأسود الدؤلي"
-أما نصر بن عاصم، فقد ذكر الجاحظ في كتاب الأمصار أنه أول من نقط المصاحف، وكان يقال له نصر الحروف.
وذكر ابن حجر أنه لما انتشر اللحن في العراق فزع الحجاج إلى كتّابه وسألهم أن يضعوا لهذه الحروف المشتبهة علامات، فيقال: إن نصر بن عاصم قام بوضع النقط أفرادا وأزواجا، وخالف بين أماكنها، فغبر الناس زمانا لايكتبون إلا منطوقا فكان مع استعمال النقط أيضا يقع التصحيف، فأحدثوا الإعجام..."
-أما يحي بن يعمر فإن الرويات تذكر أنه نقط مصحفا لابن سيرين، وأن يحيى أو من نقط المصاحف.
وذكر الدكتور عبد المتعال سالم أن هناك فرقا بين عمل أبي الأسود ونصر بن عاصم، فإن أبا الأسود نقط المصحف تنقيط إعراب، ونصر ابن عاصم نقطه تنقيط إعجام. ويرجح صاحب كتاب أصول الإملاء ماذهب إليه الدكتور عبد العال سالم.

اول من اخترع الكمبيوتر

اختلف الكثير من هو أول مخترع للكمبيوتر منهم من قال الامريكي هوارد أيكن ومنهم من قال الالماني كونراد زوسه وهذا سوف نورد قصته في الرد التالي للموضوع

وهنا مقدمة للموضوع :

يعد الكمبيوتر أو الحاسب الآلى أو الإلكترونى أحد أهم الاختراعات، التى ابتكرها الإنسان خلال النصف الثانى من القرن العشرين، ولم يمر على اختراع هذا الجهاز العجيب كثيرًا، حتى أصبح يمثل العصب الأساسى لكثير من الأنشطة والمجالات المهمة فى حياة الإنسان، بل إنه يمكننا أن نقول إننا نعيش الآن فى عصر الكمبيوتر!!

ما قبل الكمبيوتر :

منذ أن بدأ الإنسان فى إجراء عمليات العد والحساب فكر فى البحث عن وسيلة سهلة، تعينه على إنجاز مهمته فى سرعة ويسر، فاستخدم أصابعه فى العد، ثم لجأ إلى الحصى، ثم اخترع جهازًا مدهشًا، يسمى "المعداد"،
وهو عبارة عن مجموعة من الكرات الصغيرة أو الخرز مرصوصة داخل مجموعة من الأسلاك، ثم توالت محاولات الإنسان لاختراع آلة حاسبة تدار بطريقة ميك****ية ، حتى تم له ذلك على يد عالم الفيزياء والرياضيات الفرنسى "بليز باسكال" ، الذى تمكن من صنع أول آلة حاسبة سنة (1642م) ، وكانت هذه الآلة تقوم بعمليات الجمع والطرح والضرب بطريقة آلية، ثم ظهرت بعد ذلك مجموعة من الآلات الحاسبة أكثر تطورًا، إلا أنه يمكن اعتبار الآلة الحاسبة التى اخترعها الإنجليزى "شارل باباج" ما بين عامى (1835م و1848م) ، والتى أطلق عليها "الآلة التحليلية" هى الأساس التى بنيت عليه فكرة عمل الماكينات الحاسبة الحديثة، ففى عام (1886م) ابتكر "هرمان هولريث" أول آلة حاسبة تعمل بالكروت المثقبة، وقد استخدمت هذه الآلة فى التعداد العام للولايات المتحدة الأمريكية عام (1890م) ، ثم توالت الابتكارات والاختراعات التى ساهمت فى ظهور أول حاسب آلى رقمى للوجود .

أول حاسب آلي :

فى عام (1944م) تمكن العالم "هوارد أيكن" من جامعة "هارفارد" الأمريكية من ابتكار أول حاسب آلى رقمى والكثير يعتبره مخترع الكمبيوتر .وكان عبارة عن حاسب "كهروميك****ى" ضخم، عرضه نحو (15) مترًا، وارتفاعه نحو (2.4) متر، وكان يستغرق نحو (3‚0) ثانية لإتمام عملية جمع أو طرح، ونحو (4) ثوانٍ لإتمام عملية ضرب، ونحو(12) ثانية لإتمام عملية قسمة واحدة .
وبعد ذلك بعامين تمكن "جون موشلى" و"برسرايكرت" بجامعة "بنسلفانيا" من صنع أول حاسب رقمى إلكترونى، وكان باستطاعته أن يؤدى فى ساعة واحدة نفس القدر من العمل الذى يمكن أن يؤديه حاسب "هوارد أيكن" فى أسبوع كامل .
وبعد أن ظهر "الترانزيستور" عام (1947م) ، وهو جهاز صغير الحجم يسمح بتنظيم تدفق التيار الكهربائى، بدأ صانعو الحواسب فى استخدامه فى تصنيع أجهزتهم، وقد ظهر أول حاسب ترانزيستور فى الأسواق عام (1960م) ، وكان يتميز بصغر حجمه نوعًا ما عن الحواسب الكهروميك****ية، وكان يطلق عليه (المينى كمبيوتر) أو الكمبيوتر المتوسط .
وكان عام (1963م) هو بداية ظهور أول كمبيوتر يعمل بنظام الدوائر المتكاملة بدلاً من "الترانزيستور"، والدوائر المتكاملة عبارة عن شرائح أو رقاقات صغيرة مصنوعة من مادة "السيليكون" قد لا يزيد عرض الرقاقة الواحدة عن (2) ملليمتر، لكنها تحتوى على المئات من "الترانزستورات"، ويتم حفر خطوط أو مسارات على هذه الشريحة لتكون بذلك دائرة كهربائية ينساب خلالها التيار الكهربائى، ثم يتم تغليف هذه الرقاقات بإحكام بغطاء بلاستيكى لحمايتها ، وتبرز من جانب الغلاف دبابيس صغيرة متصلة بالرقاقة نفسها .
وفى عام (1971م) تمكنت شركة أمريكية من صناعة "المعالج الدقيق" أو "الميكروبروسيسور"، وهو عبارة عن شريحة صغيرة من "السيليكون " تحتوى على الآلاف من الدوائر الإلكترونية المتكاملة، وقد أتاح اختراع "المعالج الدقيق" للملايين من الناس اقتناء جهاز الكمبيوتر فى منازلهم، نظرًا لانخفاض ثمنه، وصغر حجمه عن الحاسبات الأولى، حتى أصبح يطلق عليه الكمبيوتر المصغر "الميكروكمبيوتر" أو الكمبيوتر الشخصى .

الثلاثاء، 3 أبريل 2012

أول من كسا البيت الحرام

إنه تبع الاوسط الحميري وهذا الذي ذكرت قصته في القرآن الكريم في سورة الدخان بقوله تعالى:" أهم خير أم قوم تبع". التبابعة جمع تبع، كيف يقولون فراعنة جمع فرعون هو اسم لحاكم مصر وتبع اسم لحاكم بلاد اليمن في تلك الأيام.

تبع الابسط اسمه أسعد الحميري هذا أسلم قبل النبي صلى الله عليه وسلم، زمان قبل أن يولد النبي صلى الله عليه وسلم كان يحكم من اليمن إلى بلاد الشام، وهو راجع إلى اليمن قتل ابنه في المدينة المنورة فغضب غضبا شديدا و عزم على أن يفتك بها وبأهلها ويخرب بساتينها ونخيلها، فقدمها وهو مجمع لإخرابها واستئصال أهلها وقطع نخيلها، فبينما تبع على ذلك من قتالهم إذ جاءه حبران من أحبار اليهود المسلمين الذين كانوا على دين سيدنا موسى عليه السلام من بني حريظة عالمان راسخان جاؤوا ينصحوه حين سمعا بما يريد من إهلاك المدينة وأهلها فقالا له أيها الملك لا تفعل فإنك إن ناديت إلا ما تريد حيل بينك وبينها (يعني لن تقدر أن تنفذ ما تريد) ولم نأمن عليك من عاجل العقوبة فقد تنزل بك عقوبة عاجلة فقال ولم ذلك و لم تخوفوني ماذا عنها؟ قالا هي (عن المدينة المنورة) مهاجر نبي يخرج من هذا الحرم من قريش عن حرم مكة المكرمة في آخر الزمان تكون دارهم وقرارهم، قالوا له ماذا قرؤا في الكتب السابقة فتناهى عن ذلك، الله صرفه عن ذلك ورأى أن لهما علما وأعجبه ما سمع منهما فانصرف عن المدينة واتبعهما على دينهما دين الإسلام على شريعة سيدنا موسى. لذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم".

وبالرواية الثانية قال: "لا تسبوا أسعد الحميري فإنه أول من كسى الكعبة" ، دخل مكة المكرمة فطاف في البيت ونحر عنده وحلق رأسه وأقام بمكة ستة أيام فيما يذكرون ينحر بها للناس ويطعم أهلها ويسقيهم العسل، هو حاكم غني كبير رأى في المنام أن يكسو البيت فكان تبع فيما يروى أنه أول من كسى البيت وأوصى به ولاته يلزمهم وأمرهم بتطهيره وأن لا يقربوه دما ولا ميتة ولا مثلاة، وجعل لها بابا ومفتاحا.

أول من سل سيفاً في الإسلام

إنه الزبير بن العوّام حواريّ رسول لله

لقد كان فارسا ومقداما منذ صباه. حتى ان المؤرخين ليذكرون أن أول سيف شھر في الاسلام كان سيف
الزبير.
ففي الأيام الأولى للاسلام، والمسلمون يومئذ قلة يستخفون في دار الأرقم.. سرت اشاعة ذات يوم أن
الرسول قتل.. فما كان من الزبير الا أن استلّ سيفه وامتشقه، وسار في شوارع مكة، على حداثة سنه
كالاعصار..!
ذھب أولا يتبيّن الخبر، معتزما ان ما ألفاه صحيحا أن يعمل سيفه في رقاب قريش كلھا حتى يظفربھم أو
يظفروا به..
وفي أعلى مكة لقيه رسول لله صلى لله عليه وسلم، فسأله ماذا به....؟ فأنھى اليه الزبير النبأ.. فصلى
عليه الرسول، ودعا له بالخير، ولسيفه بالغلب.

أسلم الزبير، اسلاما مبكرا، اذ كان واحدا من السبعة الأوائل الذين سارعوا الى الاسلام، وأسھموا
في طليعته المباركة في دار الأرقم..
وكان عمره يومئذ خمس عشر سنة.. وھكذا رزق الھدى والنور والخير صبيا..
وعلى الرغم من شرف الزبير في قومه فقد حمل حظه من اضطھاد قريش وعذابھا.
وكان الذي تولى تعذيبع عمه.. كان يلفه في حصير، ويدخن عليه بالنار كي تزھق أنفاسه، ويناديه وھو
تحت وطأة العذاب:" أكفر برب محمد، أدرأ عنك العذاب".
فيجيبه الزبير الذي لم يكن يوم ذاك أكثر من فتى ناشئ، غضّ العظام.. يجيب عمه في تحدّ رھب:
" لا..
ولله لا أعود لكفر أبدا"...
ويھاجر الزبير الى الحبشة، الھجرتين الأولى والثانية، ثم يعود ليشھد المشاھد كلھا مع رسول لله. لا
تفتقده غزوة ولا معركة.
وما أكثر الطعنات التي تلقاھا جسده واحتفظ بھا بعد اندمال جراحاتھا، أوسمة تحكي بطولة الزبير
وأمجاده..!!
ولنصغ لواحد من الصحابة رأى تلك الأوسمة التي تزدحم على جسده، يحدثنا عنھا فيقول:
" صحبت الزبير بن العوّام في بعض أسفاره ورأيت جسده، فرأيته مجذّعا بالسيوف، وان في صدره
لأمثال العيون الغائرة من الطعن والرمي.
فقلت له: ولله لقد شھدت بجسمك ما لم أره بأحد قط.
فقال لي: أم ولله ما منھا جراحة الا مع رسول لله وفي سبيل لله"..
وفي غزوة أحد بعد أن انقلب جيش قريش راجعا الى مكةو ندبه الرسول ھو وأبو بكر لتعقب جيش
قريش ومطاردته حتى يروا أن المسلمين قوة فلا يفكروا في الرجوع الى المدينة واستئناف القتال..
وقاد أبو بكر والزبير سبعين من المسلمين، وعلى الرغم من أنھم كانوا يتعقبون جيشا منتصرا فان
اللباقة الحربية التي استخدمھا الصديق والزبير، جعلت قريشا تظن أنھا أساءت تقدير خسائر المسلمين،
وجعلتھا تحسب أن ھذه الطليعة القوية التي أجاد الزبير مع الصديق ابراز قوتھا، وما ھي الا مقدمة
لجيش الرسول الذي يبدو أنه قادم ليشن مطاردة رھيبة فأغذّت قريش سيرھا، وأسرعت خطاھا الى
مكة..!!
ويوم اليرموك كان الزبير جيشا وحده.. فحين رأى أكثر المقاتلين الذين كان على رأسھم يتقھقرون أمام
جبال الروم الزاحفة، صاح ھو" لله أكبر".. واخترق تلك الجبال الزاحفة وحده، ضاربا بسيفه.. ثم قفل
راجعا وسط الصفوف الرھيبة ذاتھا، وسيف يتوھج في يمينه لا يكبو، ولا يحبو..!!
وكان رضي لله عنه شديد الولع بالشھادة، عظيم الغرام بالموت في سبيل لله.
وكان يقول:
" ان طلحة بن عبيد لله يسمي بنيه بأسماء الأنبياء، وقد علم ألا نبي بعد محمد...
واني لأسمي بنيّ بأسماء الشھداء لعلھم يستشھدون".!
وھكذا سمى ولده، عبدلله بن الزبير تيمنا بالصحابي الشھيد عبدلله بن جحش.
وسمى ولده المنذر، تيمنا بالشھيد المنذر بن عمرو.
وسمى عروة تيمنا بالشھيد عروة بن عمرو.
وسمى حمزة تيمنا بالشھيد الجليل عم الرسول حمزة بن عبدالمطلب.
وسمّى جعفر، تيمنا بالشھيد الكبير جعفر بن أبي طالب.
وسمى مصعبا تيمنا بالشھيد مصعب بن عمير.
وسمى خالد تيمنا بالصحابي الشھيد خالد بن سعيد..
وھكذا راح يختار لأبنائه أسماء الشھداء. راجيا أن يكونوا يوم تأتيھم آجالھم شھداء.
ولقد قيل في تاريخه:
" انه ما ولي امارة فط، ولا جباية، ولا خراجا ولا شيئا الا الغزو في سبيل لله".
وكانت ميزته كمقاتل، تتمثل في في اعتماده التام على نفسه، وفي ثقته التامة بھا.
فلو كان يشاركه في القتال مائة ألف، لرأيته يقاتل وحده في لمعركة.. وكأن مسؤولية القتال والنصر تقع
على كاھله وحده.
وكان فضيلته كمقاتل، تتمثل في الثبات، وقوة الأعصاب..
رأى مشھد خاله حمزة يوم أحد وقد كثّل المشركون بجثمانه القتيل في قسوة، فوقف أمامه كالطود
ضاغطا على أسنانه، وضاغطا على قبضة سيفه، لا يفكر الا في ثأر رھيب سرعان ما جاء الوحي ينھى
الرسول والمسلمين عن مجرّد التفكير فيه..!!
وحين طال حصار بني قريظة دون أن يستسلموا أرسله الرسول صلى لله عليه وسلم مع علي ابن أبي
طالب، فوقف أمام الحصن المنيع يردد مع علي قوله:
" ولله لنذوقنّ ما ذاق حمزة، أو لنفتحنّ عليھم حصنھم"..
ثم ألقيا بنفسيھما وحيدين داخل الحصن..
وبقوة أعصاب مذھلة، أحكما انزال الرعب في أفئدة المتحصنين داخله وفتحا أبوابه للمسلمين..!!
ويوم حنين أبصر مالك بن عوف زعيم ھوزان وقائد جيش الشرك في تلك الغزوة.. أبصره بعد ھزيمتھم
في حنين واقفا وسط فيلق من أصحابه، وبقايا جيشه المنھزم، فاقتحم حشدھم وحده، وشتت شملھم
وحده، وأزاحھم عن المكمن الذي كانوا يتربصون فيه ببعض زعماء المسلمين، العائدين من المعركة..!!
**
ولقد كان حظه من حب الرسول وتقديره عظيما..
وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يباھي به ويقول:
" ان لكل نبي حواريا وحواريي الزبير ن العوّام"..
ذلك أنه لم يكن ابن عمته وحسب، ولا زوج أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين، بل كان ذلك الوفي القوي،
رب العالمين: 􀍿 والشجاع الأبيّ، والجوّاد السخيّ، والبائع نفسه وماله
ولقد أجاد حسان بن ثابت وصفه حين قال:
أقام على عھد النبي وھديه
حواريّه والقول بالفعل يعدل
أقام على منھاجه وطريقه
يوالي وليّ الحق، والحق أعدل
ھو الفارس المشھور والبطل الذي
يصول، اذا ما كان يوم محجّل
له من رسول لله قربى قريبة
ومن نصرة الاسلام مجد موثّل
فكم كربة ذبّ الزبير بسيفه
عن المصطفى، ولله يعطي ويجزل
**
وكان رفيع الخصال، عظيم الشمائل.. وكانت شجاعته وسخاؤه كفرسي رھان..!!
فلقد كان يدير تجارة رابحة ناجحة، وكان ثراؤه عريضا، ولكنه أنفقه في الاسلام حتى مات مدينا..!!
وكان توكله على لله منطلق جوده، ومنطلق شجاعته وفدائيته..
حتى وھو يجود بروحه، ويوصي ولده عبدلله بقضاء ديونه قال له:
" اذا أعجزك دين، فاستعن بمولاي"..
وسال عبدلله: أي مولى تعني..؟
فأجابه: لله، نعم المولى ونعم النصير"..
يقول عبدلله فيما بعد:
" فولله ما وقعت في كربة من دينه الا قلت: يا مولى الزبير اقضي دينه، فيقضيه".
وفي يوم الجمل، على النحو الذي ذكرنا في حديثنا السالف عن حياة سيدنا طلحة كانت نھاية سيدنا
الزبير ومصيره..
فبعد أن رأى الحق نفض يديه من القتال، وتبعه نفر من الذين كانوا يريدون للفتنة دوام الاشتعال، وطعنه
القاتل الغادر وھو بين يدي ربه يصلي..
وذھب القاتل الى الامام علي يظن أنه يحمل اليه بشرى حين يسمعه نبأ عدوانه على الزبير، وحين يضع
بين يديه سيفه الذي استلبه منه، بعد اقتراف جريمته..
لكن عليّا صاح حين علم أن بالباب قاتل الزبير يستأذن، صاح آمرا بطرده قائلا:
" بشّر قاتل ابن صفيّة بالنار"..
وحين أدخلوا عليه سيف الزبير، قبّله الامام وأمعن بالبكاء وھو يقول:
" سيف طالما ولله جلا به صاحبه الكرب عن رسول لله"..!!
أھناك تحيّة نوجھھا للزبير في ختام حديثنا عنه، أجمل وأجزل من كلمات الامام..؟؟
سلام على الزبير في مماته بعد محياه..
سلام، ثم سلام، على حواري رسول لله...

المصدر : كتاب رجال حول الرسول .

أول من رمى بسهم في سبيل الله

انه سعد بن أبي وقاص.. 
أنه أول من رمى بسهم في سبيل الله وأول من أراق دماء الكافرين، فقد بعث رسول الله ( سرية فيها
سعد بن أبي وقاص إلى مكان في أرض الحجاز اسمه سابغ، وهو من جانب الجحفة، فانكفأ المشركون على المسلمين، فحماهم سعد يومئذ بسهامه، فكان أول قتال في الإسلام.

جده أھيب بن مناف، عم السيدة آمنة أم رسول لله صلى لله عليه وسلم..
لقد عانق الاسلام وھو ابن سبع عشرة سنة، وكان اسلامه مبكرا، وانه ليتحدث عن نفسه فيقول:
" .. ولقد أتى عليّ يوم، واني لثلث الاسلام"..!!
يعني أنه كان ثالث أول ثلاثة سارعوا الى الاسلام..
ففي الأيام الأولى التي بدأ الرسول صلى لله عليه وسلم يتحدث فيھا عن لله الأحد، وعن الدين الجديد
الذي يزف الرسول بشراه، وقبل أن يتخذ النبي صلى لله عليه وسلم من دار الأرقم ملاذا له ولأصحابه
الذين بدءوا يؤمنون به.. كان سعد ابن أبي وقاص قد بسط يمينه الى رسول لله صلى لله عليه وسلم
مبايعا..
وانّ كتب التارييخ والسّير لتحدثنا بأنه كان أحد الذين أسلموا باسلام أبي بكر وعلى يديه..
ولعله يومئذ أعلن اسلامه مع الذين أعلنوه باقناع أبي بكر ايّاھم، وھم عثمان ابن عفان، والزبير ابن
العوّام، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد لله.
ومع ھذا لا يمنع سبقه بالاسلام سرا..
وان لسعد بن أبي وقاص لأمجاد كثيرة يستطيع أن يباھي بھا ويفخر..
بيد أنه لم يتغنّ من مزاياه تلك، الا بشيئين عظيمين..
أولھما: أنه أول من رمى بسھم في سبيل لله، وأول من رمي أيضا..
وثانيھما: أنه الوحيد الذي افتداه الرسول بأبويه فقال له يوم أحد:
" ارم سعد فداك أبي وأمي"..
أجل كان دائما يتغنى بھاتين النعمتين الجزيلتين، ويلھج يشكر لله عليھما فيقول:
" ولله اني لأوّل رجل من العرب رمى بسھم في سبيل لله".
ويقول علي ابن أبي طالب:
" ما سمعت رسول لله صلى لله عليه وسلم يفدي أحدا بأبويه الا سعدا، فاني سمعته يوم أحد يقول: ارم
سعد.. فداك أبي وأمي"..
كان سعد يعدّ من أشجع فرسان العرب والمسلمين، وكان له سلاحان رمحه ودعاؤه..
اذا رمى في الحرب عدوّا أصابه.. واذا دعا لله دعاء أجابه..!!
وكان، وأصحابه معه، يردّون ذلك الى دعاء الرسول له.. فذات يوم وقد رأى الرسول صلى لله عليه
وسلم منه ما سرّه وقرّ عينه، دعا له ھذه الدعوة المأثورة..
" اللھم سدد رميته.. وأجب دعوته".
وھكذا عرف بين اخوانه وأصحابه بأن دعوته كالسيف القاطع، وعرف ھو ذلك نفسه وأمره، فلم يكن
يدعو على أحد الا مفوّضا الى لله أمره.
من ذلك ما يرويه عامر بن سعد فيقول:
" رأى سعد رجلا يسب عليا، وطلحة والزبير فنھاه، فلم ينته، فقال له: اذن أدعو عليك، فقال ارجل:
أراك تتھددني كأنك نبي..!!
فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين، ثم رفع يديه وقال: اللھم ان كنت تعلم أن ھذا الرجل قد سبّ أقواما
سبقت لھم منك الحسنى، وأنه قد أسخطك سبّه ايّاھم، فاجعله آية وعبرة..
فلم يمض غير وقت قصير، حتى خرجت من احدى الدور ناقة نادّة لا يردّھا شيء حتى دخلت في زحام
الناس، كأنھا تبحث عن شيء، ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمھا.. وما زالت تتخبطه حتى مات"..
ان ھذه الظاھرة، تنبىء أوّل ما تنبىء عن شفافية روحه، وصدق يقينه، وعمق اخلاصه.
وكذلكم كان سعد، روحه حر.. ويقينه صلب.. واخلاصه عميق.. وكان دائب الاستعانة على دعم تقواه
باللقمة الحلال، فھو يرفض في اصرار عظيم كل درھم فيه اثارة من شبھة..
ولقد عاش سعد حتى صار من أغنياء المسلمين وأثريائھم، ويوم مات خلف وراءه ثروة غير قليلة.. ومع
ھذا فاذا كانت وفرة المال وحلاله قلما يجتمعان، فقد اجتمعا بين يدي سعد.. اذ آتاه لله الكثير، الحلال،
الطيب..
وقدرته على جمع المال من الحلال الخالص، يضاھيھا، قدرته في انفاقه في سبيل لله..
في حجة الوداع، كان ھناك مع رسول لله صلى لله عليه وسلم، وأصابه المرض، وذھب الرسول
يعوده، فساله سعد قائلا:
"يا رسول لله، اني ذو مال ولا يرثني الا ابنة، أفأتصدّق بثلثي مالي..؟
قال النبي: لا.
قلت: فبنصفه؟
قال النبي: لا.
قلت: فبثلثه..؟
قال النبي: نعم، والثلث كثير.. انك ان تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرھم عالة يتكففون الناس، وانك
لن تنفق نفقة تبتغي بھا وجه لله الا أجرت بھا، حتى اللقمة تضعھا في فم امرأتك"..
ولم يظل سعد أبا لبنت واحدة.. فقد رزق بعد ھذا أبناء آخرين..
وكان سعد كثير البكاء من خشية لله.
وكان اذا استمع للرسول يعظھم، ويخطبھم، فاضت عيناه من الدمع حتى تكاد دموعه تملؤ حجره..
وكان رجلا أوتي نعمة التوفيق والقبول..
ذات يوم والنبي جالس مع أصحابه، رنا بصره الى الأفق في اصغاء من يتلقى ھمسا وسرا.. ثم نظر في
وجوه أصحابه وقال لھم:
" يطلع علينا الآن رجل من أھل الجنة"..
وأخذ الأصحاب يتلفتون صوب كل اتجاه يستشرفون ھذا السعيد الموفق المحظوظ..
وبعد حين قريب، طلع عليھم سعد بن أبي وقاص.
ولقد لاذ به فيما بعد عبد لله بن عمرو بن العاص سائلا اياه في الحاح أن يدله على ما يتقرّب الى لله من
عمل وعبادة، جعله أھل لھذه المثوبة، وھذه البشرى.. فقال له سعد:
" لا شيء أكثر مما نعمل جميعا ونعبد..
غير أني لا أحمل لأحد من المسلمين ضغنا ولا سوءا".
ھذا ھو الأسد في براثنه، كما وصفه عبد الرحمن بن عوف..
وھذا ھو الرجل الذي اختاره عمر ليوم القادسية العظيم..
كانت كل مزاياه تتألق أما بصيرة أمير المؤمنين وھو يختاره لأصعب مھمة تواجه الاسلام والمسلمين..
انه مستجاب الدعوة.. اذا سأل لله النصر أعطاه اياه..
زانه عفّ الطعمة.. عف اللسان.. عف الضمير..
وانه واحد من أھل الجنة.. كما تنبأ له الرسول..
وانه الفارس يوم بدر. والفارس يوم أحد.. والفارس في كل مشھد شھده مع رسول لله صلى لله عليه
وسلم..
وأخرى، لا ينساھا عمر ولا يغفل عن أھميتھا وقيمتھا وقدرھا بين لخصائص التي يجب أن تتوفر لكل من
يتصدى لعظائم الأمور، تلك ھي صلابة الايمان..
ان عمر لا ينسى نبأ سعد مع أمه يوم أسلم واتبع الرسول..
يومئذ أخفقت جميع محاولات رده وصده عن سبيل لله.. فلجأت أمه الى وسيلة لم يكن أحد يشك في أنھا
ستھزم روح سعد وترد عزمه الى وثنية أھله وذويه..
لقد أعلنت أمه صومھا عن الطعام والشراب، حتى يعود سعد الى دين آبائه وقومه، ومضت في تصميم
مستميت تواصل اضرابھا عن الطعام والسراب حتى أوشكت على الھلاك..
كل ذلك وسعد لا يبالي، ولا يبيع ايمانه ودينه بشيء، حتى ولو يكون ھذا الشيء حياةأمه..
وحين كانت تشرف على الموت، أخذه بعض أھله اليھا ليلقي عليھا نظرة وداع مؤملين أن يرق قلبه حين
يراھا في سكرة الموت..
وذھب سعد ورأى مشھد يذيب الصخر..
ورسوله كان قد تفوّق على كل صخر، وعلى كل لاذ، فاقترب بوجھه من وجه أمه، 􀍿 بيد أن ايمانه با
وصاح بھا لتسمعه:
" تعلمين ولله يا أمّه.. لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني ھذا لشيء..
فكلي ان شئت أو لا تأكلي"..!!
وعدلت أمه عن عزمھت\ا.. ونزل الوحي يحيي موقف سعد، ويؤيده فيقول:
( وان جاھداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعھما)..
أليس ھو الأسد في براثنه حقا..؟؟
اذن فليغرس أمير المؤمنين لواء القادسية في يمينه. وليرم به الفرس المجتمعين في أكثر من مائةألف
من المقاتلين المدربين. المدججين بأخطر ما كانت تعرفه الأرض يومئذ من عتاد وسلاح.. تقودھم أذكى
عقول الحرب يومئذ، وأدھى دھاتھا..
أجل الى ھؤلاء في فيالقھم الرھيبة..خرج سعد في ثلاثين ألف مقاتل لا غير.. في أيديھم رماح.. ولكن في
قلوبھم ارادة الدين الجديد بكل ما تمثله من ايمان وعنفوان، وشوق نادر وباھر الى الموت و الى
الشھادة..!!
والتقى الجمعان.
ولكن لا.. لم يلتق الجمعان بعد..
وأن سعدا ھناك ينتظر نصائح أمير المؤمنين عمر وتوجيھاته.. وھا ھو ذا كتاب عمر اليه يأمره فيه
بالمبادرة الى القادسية، فانھا باب فارس ويلقي على قلبه كلمات نور وھدى:
" يا سعد بن وھيب..
لا يغرّنّك من لله، أن قيل: خال رسول لله صلى لله عليه وسلم وصاحبه، فان لله ليس بينه وبين أحد
نسب الا بطاعته.. والناس شريفھم ووضيعھم في ذات لله سوء.. لله ربھم، وھم عباده.. يتفاضلون
بالعافية، ويدركون ما عند لله بالطاعة. فانظر الأمر الذي رأيت رسول لله صلى لله عليه وسلم منذ بعث
الى أن فارقنا عليه، فالزمه، فانه الأمر."
ثم يقول له:
" اكتب اليّ بجميع أحوالكم.. وكيف تنزلون..؟
وأين يكون عدوّكم منكم..
واجعلني بكتبك اليّ كأني أنظر اليكم"..!!
ويكتب سعد الى أمير المؤمنين فيصف له كل شيء حتى انه ليكاد يحدد له موقف كل جندي ومكانه.
وينزل سعد القادسية، ويتجمّع الفرس جيشا وشعبا، كما لم يتجمعوا من قبل، ويتولى قيادة الفرس أشھر
وأخطر قوّادھم "رستم"..
ويكتب سعد الى عمر، فيكتب اليه أمير المؤمنين:
، وتوكل عليه، وابعث اليه رجالا من أھل 􀍿 " لا يكربنّك ما تسمع منھم، ولا ما يأتونك به، واستعن با
لنظر والرأي والجلد، يدعونه الى لله.. واكتب اليّ في كل يوم.."
ويعود سعد فيكتب لأمير المؤمنين قائلا:
" ان رستم قد عسكر ب ساباط وجرّ الخيول والفيلة وزحف علينا".
ويجيبه عمر مطمئنا مشيرا..
ان سعد الفارس الذكي المقدام، خال رسول لله، والسابق الى الاسلام، بطل المعارك والغزوات، والذي لا
ينبو له سيف، ولا يزيغ منه رمح.. يقف على رأس جيشه في احدى معارك التاريخ الكبرى، ويقف وكأنه
جندي عادي.. لا غرور القوة، ولا صلف الزعامة، يحملانه على الركون المفرط لثقته بنفسه.. بل ھو
يلجأ الى أمير المؤمنين في المدينة وبينھما أبعاد وأبعاد، فيرسل له كل يوم كتابا، ويتبادل معه والمعركة
الكبرى على وشك النشوب، المشورة والرأي...
ذلك أن سعدا يعلم أن عمر في المدينة لا يفتي وحده، ولا يقرر وحجه.. بل يستشير الذين حوله من
المسلمين ومن خيار أصحاب رسول لله.. وسعد لا يريد برغم كل ظروف الحرب، أن يحرم نفسه، ولا أن
يحرم جيشه، من بركة الشورى وجدواھا، لا سيّما حين يكون بين أقطابھا عمر الملھم العظيم..
**
وينفذ سعد وصية عمر، فيرسل الى رستم قائد الفرس نفرا من صحابه يدعونه الى لله والى الاسلام..
ويطول الحوار بينھم وبين قائد الفرس، وأخيرا ينھون الحديث معه اذ يقول قائلھم:
" ان لله اختارنا ليخرج بنا من يشاء من خلقه من الوثنية الى التوحيد... ومن ضيق الدنيا الى سعتھا،
ومن جور الحكام الى عدل الاسلام..
فمن قبل ذلك منا، قبلنا منه، ورجعنا عنه، ومن قاتلنا قاتلناه حتى نفضي الى وعد لله.."
ويسأل رستم: وما وعد لله الذي وعدكم اياه..؟؟
فيجيبه الصحابي:
" الجنة لشھدائنا، والظفر لأحيائنا".
ويعود لبوفد الى قائد المسلمين سعد، ليخبروه أنھا الحرب..
وتمتلىء عينا سعد بالدموع..
لقد كان يود لو تأخرت المعركة قليلا، أو تقدمت قليلا.. فيومئذ كان مرضه قد اشتد عليه وثقلت وطأته..
وملأت الدمامل جسده حتى ما كان يستطيع أن يجلس، فضلا أن يعلو صھوة جواده ويخوض عليه
معركة بالغة الضراوة والقسوة..!!
فلو أن المعركة جاءت قبل أن يمرض ويسقم، أولوأنھا استأخرت حتى يبل ويشفى، اذن لأبلى فيھا بلاءه
العظيم.. أما الآن.. ولكن، لا، فرسول لله صلى لله عليه وسلم علمھم ألا يقول أحدھم: لو. لأن لو ھذه
تعني العجز، والمؤمن القوي لا يعدم الحيلة، ولا يعجز أبدا..
عنئذ ھب الأسد في براثنه ووقف في جيشه خطيبا، مستھلا خطابه بالآية الكريمة:
(بسم لله الرحمن الرحيم..
ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثھا عبادي الصالحون)..
وبعد فراغه من خطبته، صلى بالجيش صلاة الظھر، ثم استقبل جنوده مكبّرا أربعا: لله أكبر.. لله أكبر..
لله أكبر.. لله أكبر..
ودوّى الكن وأوّب مع المكبرين، ومد ذراعه كالسھم النافذ مشيرا الى العدو، وصاح في جنوده: ھيا على
بركة لله..
وصعد وھو متحاملا على نفسه وآلامه الى شرفة الدار التي كان ينزل بھا ويتخذھا مركزا لقيادته..وفي
الشرفة جلس متكئا على صدره فوق وسادة. باب داره مفتوح.. وأقل ھجوم من الفرس على الدار يسقطه
في أيديھم حيا أو ميتا.. ولكنه لا يرھب ولا يخاف..
دمامله تنبح وتنزف، ولكنه عنھا في شغل، فھو من الشرفة يكبر ويصيح.. ويصدر أوامره لھؤلاء: أن
تقدّموا صوب الميمنة.. ولألئك: أن سدوا ثغرات الميسرة.. أمامك يا مغيرة.. وراءھم يا جرير.. اضرب يا
نعمان.. اھجم يا أشعث.. وأنت يا قعقاع.. تقدموا يا أصحاب محمد..!!
وكان صوته المفعم بقوة العزم والأمل، يجعل من كل جندي فردا، جيشا بأسره..
وتھاوى جنود الفرس كالذباب المترنّح.ز وتھاوت معھم الوثنية وعبادة النار..!!
وطارت فلولھم المھزومة بعد أن رأوا مصرع قائدھم وخيرة جنودھم، وطاردھم كالجيش المسلم عتى
نھاوند.. ثم المدائن فدخلوھا ليحملوا ايوان كسرى وتاجه، غنيمة وفيئا..!!
**
وفي موقعة المدائن أبلى سعد بلاء عظيما..
وكانت موقعة المدائن، بعد موقعة القادسية بقرابة عامين، جرت خلالھما مناوشات مستمرة بين الفرس
والمسلمين، حتى تجمعن كل فلول الجيش الفارسي ويقاياه في المدائن نفسھا، متأھبة لموقف أخير
وفاصل..
وأدرك سعد أن الوقت سيكون بجانب أعدائه. فقرر أن يسلبھم ھذه المزية.. ولكن أنّى له ذلك وبينه وبين
المدائن نھر دجلة في موسم فيضانه وجيشانه..
ھنا موقف يثبت فيه سعد حقا كما وصفه عبد الرحمن بن عوف الأسد في براثنه..!!
ان ايمان سعد وتصميمه ليتألقان في وجه الخطر، ويتسوّران المستحيل في استبسال عظيم..!!
وھكذا أصدر سعد أمره الى جيشه بعبور نھر دجلة.. وأمر بالبحث عن مخاضة في النھر تمكّن من عبور
ھذا النھر.. وأخيرا عثروا على مكان لا يخلو عبوره من المخاطر البالغة..
وقبل أن يبدأ الجيش الجيش عملية المرور فطن القائد سعد الى وجوب تأمين مكان الوصول على
الضفة الأخرى التي يرابط العطو حولھا.. وعندئذ جھز كتيبتين..
الأولى: واسمھا كتيبة الأھوال وأمّر سعد عليھا عاصم ابنعمرو والثانية: اسمھا الكتيبة الخرساء وأمّر
عليھا القعقاع ابن عمرو..
وكان على جنود ھاتين الكتيبتين أن يخوضوا الأھوال لكي يفسحوا على الضفة الأخرى مكانا آمنا
للجيش العابر على أثرھم.. ولقد أدوا العمل بمھارة مذھلة..
ونجحت خطة سعد يومئذ نجاحا يذھل له المؤرخون..
نجاحا أذھل سعد بن أبي وقاص نفسه..
وأذھل صاحبه ورفيقه في المعركة سلمان الفارسي الذي أخذ يضرب كفا بكف دھشة وغبطة، ويقول:
" ان الاسلام جديد..
ذلّلت ولله لھم البحار، كما ذلّل لھم البرّ ..
والذي نفس سلمان بيده ليخرجنّ منه أفواجا، كما دخلوه أفواحا"..!!
ولقد كان .. وكما اقتحموا نھر دجلة أفواجا، خرجوا منه أفواجا لم يخسروا جنديا واحدا، بل لم تضع منھم
شكيمة فرس..
ولقد سقط من أحد المقاتلين قدحه، فعز عليه أن يكون الوحيد بين رفاقه الذي يضيع منه شيء، فنادى
في أصحابه ليعاونوه على انتشاله، ودفعته موجة عالية الى حيث استطاع بعض العابرين التقاطه..!!
وتصف لنا احدى الروايات التاريخية، روعة المشھد وھم يعبرون دجلة، فتقول:
[أمر سعد المسلمين أن يقولوا: حسبنا لله ونعم الوكيل.. ثم اقتحم بفرسه دجلة، واقتحم الناس وراءه، لم
يتخلف عنه أحد، فساروا فيھا كأنما يسيرون على وجه الأرض حتى ملؤا ما بين الجانبين، ولم يعد وجه
الماء يرى من أفواج الفرسان والمشاة، وجعل الناس يتحدثون وھم يسيرون على وجه الماء كأنھم
يتحدون على وجه الأرض؛ وذلك بسبب ما شعروا به من الطمأنينة والأمن، والوثوق بأمر لله ونصره
ووعيده وتأييده]..!!
ويوم ولى عمر سعدا امارة العراق، راح يبني للناس ويعمّر.. كوّف الكوفة، وأرسى قواعد الاسلام في
البلاد العريضة الواسعة..
وذات يوم شكاه أھل الكوفة لأمير المؤمنين.. لقد غلبھم طبعھم المتمرّد، فزعموا زعمھم الضاحك،
قالوا:" ان سعدا لا يحسن يصلي"..!!
ويضحك سعد من ملء فاه، ويقول:
"ولله اني لأصلي بھم صلاة رسول لله.. أطيل في الركعتين الأوليين، وأقصر في الأخريين"..
ويستدعيه عمر الى المدينة، فلا يغضب، بل يلبي نداءه من فوره..
وبعد حين يعتزم عمر ارجاعه الى الكوفة، فيجيب سعد ضاحكا:
" اأتمرني أن أعود الى قوم يزعمون أني لا أحسن الصلاة"..؟؟
ويؤثر البقاء في المدينة..
وحين اعتدي على أمير المؤمنين عمر رضي لله عنه وأرضاه، اختار من بين أصحاب الرسول عليه
الصلاة والسلام، ستة رجال، ليكون اليھم أمر الخليفة الجديد قائلا انه اختار ستة مات رسول لله صلى
لله عليه وسلم وھو عنھم راض.. وكان من بينھم سعد بن أبي وقاص.
بل يبدو من كلمات عمر الأخيرة، أنه لو كان مختارا لخلافة واحدا من الصحابة لاختار سعدا..
فقد قال لأصحابه وھو يودعھم ويوصيھم:
" ان وليھا سعد فذاك..
وان وليه غيره فليستعن بسعد".
**
ويمتد العمر بسعج.. وتجيء الفتنة الكبرى، فيعتزلھا بل ويأمر أھله وأولاده ألا ينقلوا اليه شيئا من
أخبارھا..
وذات يوم تشرئب الأعناق نحوه، ويذھب اليه ابن أخيه ھاشم بن عتبة بن أبي وقاص، ويقول له:
يا عم، ھا ھنا مائة ألف سيف يروك أحق الناس بھذا الأمر.
فيجيبه سعد:
" أريد من مائة ألف سيف، سيفا واحدا.. اذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا، واذا ضربت به الكافر
قطع"..!!
ويدرك ابن أخيه غرضه، ويتركه في عزلته وسلامه..
وحين انتھى الأمر لمعاوية، واستقرت بيده مقاليد الحكم سأل سعدا:
مالك لم تقاتل معنا..؟؟
فأجابه:
" اني مررت بريح مظلمة، فقلت: أخ .. أخ..
واتخذت من راحلتي حتى انجلت عني.."
فقل زعاوية: ليس في كتاب لله أخ.. أخ.. ولكن قال لله تعالى:
(وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، فأصلحوا بينھما، فان بغت احداھما على الأخرى، فقاتلوا التي تبغي
حتى تفيء الى أمر لله).
وأنت لم تكن مع الباغية على العادلة، ولا مع العادلة على الباغية.
أجابه سعد قائلا:
" ما كنت لأقاتل رجلا قال له رسول لله: أنت مني بمنزلة ھرون من موسى الا أنه لا نبي بعدي".
**
وذات يوم من أيام الرابع والخمسين للھجرة، وقد جاوز سعد الثمانين، كان ھناك في داره بالعقيق يتھيأ
لقاء لله.
ويروي لنا ولده لحظاته الأخيرة فيقول:
[ كان رأس أبي في حجري، وھو يقضي، فبكيت وقال: ما يبكيك يا بنيّ ..؟؟
ان لله لا يعذبني أبدا وأني من أھل الجنة]..!!
ان صلابة ايمانه لا يوھنھا حتى رھبة المةت وزلزاله.
ولقد بشره الرسول عليه الصلاة والسلام، وھو مؤمن بصدق الرسول عليه الصلاة والسلام أوثق
ايمان..ز واذن ففيم الخوف..؟
[ ان لله لا يعذبتي أبدا، واني من أھل الجنة].
بيد أنه يريد أن يلقى لله وھو يحمل أروع وأجمل تذكار جمعه بدينه ووصله برسوله.. ومن ثمّ فقد أشار
الى خزانته ففتوحھا، ثم أخرجوا منھا رداء قديما قي بلي وأخلق، ثم أمر أھله أن يكفنوه فيه قائلا:
[ لقد لقيت المشركين فيه يوم بدر، ولقد ادخرته لھذا اليوم]..!!
اجل، ان ذلك الثوب لم يعد مجرّد ثوب.. انه العلم الذي يخفق فوق حياة مديدة شامخة عاشھا صاحبھا
مؤمنا، صادقا شجاعا!!
فوق أعناق الرجال حمل الى المدينة جثمان آخر المھاجرين وفاة، ليأخذ مكانه في سلام الى جوار ثلة
طاھرة عظيمة من رفاقه الذين سبقوه الى لله، ووجدت أجسامھم الكادحة مرفأ لھا في تراب البقيع
وثراه.
**
وداعا يا سعد..!!
وداعا يا بطل القادسية، وفاتح المدائن، ومطفىء النار المعبودة في فارس الى الأبد..!!


المصدر : كتاب رجال حول الرسول .

الأحد، 1 أبريل 2012

أول من أسلم من الفرس

هو الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه

اسمه و كنيته :

هوسلمان الفارسي رضي الله عنه، يكنى أبا عبد الله، من أصبهان، سافر يطلب الدين مع قوم فغدروا بهفباعوه لرجل من اليهود، ثم إنه كوتب فأعانه النبي صلى الله عليه و سلم  في كتابته. 

قصة إسلام سلمان الفارسي

عن عبد الله بن العباس رضي الله عنهما قال:حدثني سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: "كنت رجلاً فارسيًّا من أهل أصبهان من أهل قرية منها يقال لها: جَيٌّ، وكان أبي دِهْقَانَ قريته، وكنت أحب خلق الله إليه، فلم يزل بهحبه إياي حتى حبسني في بيته كما تُحبس الجارية، واجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة، وكانت لأبي ضَيْعَةٌ عظيمة، قال: فشغل في بنيان له يومًا فقال لي: يا بُنَيّ، إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي،فاذهب فَاطَّلِعْها. وأمرني فيها ببعض ما يريد، فخرجت أريد ضيعته، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته، فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم، ورغبت في أمرهم، وقلت: هذا والله خير من الذي نحن عليه.فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس، وتركت ضيعة أبي ولم آتها، فقلت لهم: أين أصل هذاالدين؟ قالوا: بالشام.

قال:ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله، فلما جئته قال: أي بني، أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال: قلت: يا أبت، مررت بناس يصلون في كنيسة لهم،فأعجبني ما رأيت من دينهم، فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس. قال: أي بني، ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه. قلت: كلا، والله إنه لخير من ديننا.قال: فخافني فجعل في رجلي قيدًا ثم حبسني في بيته. قال: وبعثت إلى النصارى فقلت لهم: إذا قدم عليكم ركب من الشام تجارًا من النصارى فأخبروني بهم. قال: فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى، فأخبروني بقدوم تجار، فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم و أرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم.

فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم ألقيت الحديد من رجلي، ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام،فلما قدمتها قلت: من أفضل أهل هذا الدين؟ قالوا: الأُسْقُفُّ في الكنيسة. فجئته،فقلت: إني قد رغبت في هذا الدين، وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك، وأتعلم منك و أصلي معك. قال: فادخل. فدخلت معه، فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه منها شيئًا اكتنزه لنفسه، ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قِلال من ذهب،وأبغضته بغضًا شديدًا لما رأيته يصنع. قال: ثم مات، فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه،فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء، يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها، فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعطِ المساكين منها شيئًا. قالوا: وما علمك بذلك؟ قلت: أنا أدلكم على كنزه. قالوا: فدلنا عليه. قال: فأريتهم موضعه، فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبًا وورقًا، فلما رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدًا.

قال:فصلبوه ثم رجموه بالحجارة، ثم جاءوا برجل آخر فجعلوه مكانه، فما رأيت رجلاً يصلي الخمس أَرَى أنه أفضل منه، وأزهد في الدنيا، ولا أرغب في الآخرة، ولا أدأب ليلاًونهارًا منه. قال: فأحببته حبًّا لم أحبه من قبله، فأقمت معه زمانًا، ثم حضرته الوفاة، قلت له: يا فلان، إني كنت معك فأحببتك حبًّا لم أحبه أحدًا من قبلك، وقدحضرتك الوفاة، فإلى من توصي بي؟ وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما أعلم أحدًا اليوم على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلاً بالموصل وهو فلان، وهو على ما كنت عليه، فَالْحَقْ به.

قال:فلما مات وغَيَّبَ لحقت بصاحب الموصل، فقلت له: يا فلان، إن فلانًا أوصاني عندموته أن ألحق بك وأخبرني أنك على أمره. فقال لي: أقم عندي. قال: فأقمت عنده،فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم يلبث أن مات، فلما حضرته الوفاة، قلت له: يافلان، إن فلانًا أوصى بي إليك وأمرني باللحوق بك، وقد حضرك من أمر الله ما ترى،فإلى من توصي بي؟ وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما أعلم رجلاً على مثل ما كنا عليهإلا رجلاً بنَصِيبِينَ وهو فلان، فَالْحَقْ به.

قال:فلما مات وغَيَّب، لحقت بصاحب نصيبين، فجئت فأخبرته بما جرى وما أمرني به صاحبي،قال: فأقم عندي. فأقمت عنده، فوجدته على أمر صاحبيه، فأقمت مع خير رجل، فوالله مالبث أن نزل به الموت، فلما حضر قلت له: يا فلان، إن فلانًا كان أوصى بي إلى فلان،ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي؟ وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما أعلم أحدًا بقي على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلاً بعَمُّورِيَّةَ، فإنه على مثل ما نحن عليه، فإن أحببت فَأْتِهِ؛ فإنه على مثل أمرنا.

قال:فلما مات وغَيَّبَ لحقت بصاحب عمورية، وأخبرته خبري، فقال: أقم عندي. فأقمت عند رجل على هدي أصحابه وأمرهم، وكنت اكتسبت حتى كانت لي بقرات وغنيمة. قال: ثم نزل به أمر الله، فلما حضر قلت له: يا فلان، إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان، وأوصى بي فلان إلى فلان، وأوصى بي فلان إلى فلان، وأوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي؟ وماتأمرني؟ قال: أي بني، والله ما أعلم أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم، يخرج بأرض العرب مهاجرًا إلى أرض بين حَرَّتَيْنِ بينهما نخل، به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة،بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فَافْعَلْ.

قال:ثم مات وغَيَّبَ، فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مر بي نفر من كلب تجار،فقلت لهم: تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه؟ قالوا: نعم. فأعطيتهم إياها وحملوني، حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني لرجلٍ من يهود، فكنت عنده ورأيت النخل، ورجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي، ولم يَحِقْ لي في نفسي،فبينا أنا عنده قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة فابتاعني منه،فاحتملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي فأقمت بها،وبعث الله رسوله فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر، مع ما أنا فيه من شغل الرِّقِّ، ثم هاجر إلى المدينة فوالله إني لفي رأس عِذْقٍ لسيدي، أعمل فيه بعض العمل وسيدي جالس، إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه، فقال فلان: قاتلَ اللهُ بني قَيْلَة! والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي.

قال:فلما سمعتها أخذتني العُرَواء حتى ظننت أني ساقط على سيدي، ونزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه: ماذا تقول؟ قال: فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة، وقال: ما لك ولهذا؟!أقبل على عملك. قال: قلت: لا شيء، إنما أردت أن أستثبته عما قال. وقد كان شيء عندي قد جمعته، فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله وهو بقباء، فدخلت عليه فقلت له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح معك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة، وهذا شيء كان عندي للصدقة، فرأيتكم أحق به من غيركم. قال: فقربته إليه، فقال رسول الله لأصحابه: "كلوا".وأمسك يده هو فلم يأكل.

قال:فقلت في نفسي: هذه واحدة. ثم انصرفت عنه فجمعت شيئًا، وتحوّل رسول الله إلى المدينة، ثم جئته به فقلت: إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها. فأكل رسول الله  صلى الله عليه و سلم منها وأمر أصحابه فأكلوا معه. قال: فقلت في نفسي: هاتان اثنتان.

قال:ثم جئت رسول الله وهو ببقيع الغرقد قد تبع جنازة من أصحابه عليه شَمْلَتان وهوجالس في أصحابه، فسلمت عليه، ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما رآني رسول الله  صلى الله عليه و سلم استدبرته، عرف أني أستثبت في شيء وصف لي، قال:فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فانكببت عليه أُقَبِّله وأبكي.فقال رسول الله  صلى الله عليه و سلم : "تَحَوَّلْ".فتحولت، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يابن عباس، فأعجب رسول الله  صلى الله عليه و سلم أن يَسْمَعَ ذلك أصحابُه، ثم شغل سلمان الرِّقُّ حتى فاته مع رسول الله بدر وأحد.

قال:ثم قال لي رسول الله  صلى الله عليه و سلم : "كَاتِبْ يا سلمان".فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له بالفَقِير، وبأربعين أوقية. فقال رسولالله  صلى الله عليه و سلم لأصحابه: "أعينواأخاكم".فأعانوني بالنخل: الرجل بثلاثين ودِيَّةً، والرجل بعشرين، والرجل بخمس عشرة،والرجل بعشر، والرجل بقدر ما عنده، حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودِيَّةٍ، فقال لي رسولالله  صلى الله عليه و سلم : "اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ فَفَقِّرْ لَهَا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَأْتِنِي أَكُونُ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدَيَّ".قال: ففقرت لها وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت منها جئته فأخبرته، فخرج رسول الله معي إليها فجعلنا نقرب له الودي ويضعه رسول الله بيده، فوالذي نفس سلمان بيده، ما مات منها ودية واحدة. فأديت النخل، فبقي عليَّ المال، فأُتي رسول الله بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المعادن، فقال: "مَا فَعَلَ الْفَارِسِىُّ الْمُكَاتَبُ؟" قال: فدُعِيْتُ له. قال: "خُذْهَذِهِ، فَأَدِّ بِهَا مَا عَلَيْكَ يَا سَلْمَانُ". قال: قلت:وأين تقع هذه يا رسول الله مما عليَّ؟ قال: "خُذْهَا؛فَإِنَّ اللَهَ عَزَّ وَجَلَّ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ".قال: فأخذتها فوزنت لهم منها، والذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية، فأوفيتهم حقهم،وعتقت، فشهدت مع رسول الله الخندق، ثم لم يفتني معه مشهد".

سلمان الفارسي .. مكانته وفضله

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "السُبَّاق أربعة: أنا سابق العرب، وصهيب سابق الروم، وسلمان سابق فارس، وبلال سابق الحبشة".

وعنكثير بن عبد الله المزني، عن أبيه، عن جده أن رسول الله r خطَّ الخندق، وجعل لكل عشرة أربعين ذراعًا، فاحتج المهاجرونوالأنصار في سلمان، وكان رجلاً قويًّا، فقال المهاجرون: سلمان منا. وقالت الأنصار:لا، بل سلمان منا. فقال رسول الله : "سلمان مناآل البيت".

سلمان الفارسي يوم الخندق

في السنة الخامسة للهجرة، لما خرج نفر من زعماء اليهود قاصدين مكة، مؤلِّبين المشركين ومحزّبين الأحزاب على رسول الله والمسلمين، متعاهدين معهم على أن يعاونوهم في حرب حاسمة تستأصل شأفة هذا الدين الجديد. ووضعت خطة الحرب الغادرة، على أن يهجم جيش قريش وغطفان "المدينة" من خارجه، بينما يهاجم بنو قريظة من الداخل، ومن وراء صفوف المسلمين، الذين سيقعون حينئذٍ بين شِقَّي رحى تطحنهم، وتجعلهم ذكرى.

هنا تظهر عبقرية سلمان الفارسي الحربية، حيث ألقى من فوق هضبة عالية، نظرةً فاحصةً على المدينة، فألفاها محصنة بالجبال والصخور المحيطة بها، غير أن هناك فجوة واسعة،يستطيع الجيش أن يقتحم منها الحِمَى في يسر، فأشار على النبي  بحفر الخندق؛ مماجعل أحزاب الكفر تعود خائبةً إلى ديارها، بعد أن مكثت شهرًا عاجزة عن عبور الخندق.

ملامح شخصية سلمان الفارسي

غزارة علمه

عن أبي جحيفة قال: آخى رسول الله صلى الله عليه و سلم بين سلمان الفارسي رضي الله عنه وأبي الدرداء رضي الله عنه ،فزار سلمان الفارسي أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء مُتَبَذِّلَةً في هيئة رثّة فقال لها: ما شأنك؟ فقالت: إن أخاك أبا الدرداء ليست له حاجة في الدنيا. قال: فلما جاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا، فقال: كُلْ؛ فإني صائم. قال: ما أنا بآكل حتى تأكل.قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء رضي الله عنه ليقوم،فقال له سلمان الفارسي: نَمْ. فنام، فلما كان من آخر الليل، قال له سلمان الفارسي رضي الله عنه :قم الآن. فقاما فصليا، فقال: "إن لنفسك عليك حقًّا، ولربك عليك حقًّا، وإن لضيفك عليك حقًّا، وإن لأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حق حقه". فأتى النبي فذكر ذلك له، فقال : "صدق سلمان".

زهد سلمان الفارسي

عن الحسن قال: كان عطاءُ سلمان الفارسي خمسة آلاف، وكان أميرًا على نحو ثلاثين ألفًا من المسلمين، وكان يخطب الناس في عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها، فإذا خرج عطاؤه أمضاه، ويأكل من سفيف يديه.

ورع وتواضع سلمان الفارسي

عن أبي ليلى الكندي قال: قال غلام سلمان لسلمان : كاتبني. قال: ألك شيء؟ قال: لا. قال: فمن أين؟ قال: أسأل الناس.قال: "تريد أن تطعمني غُسَالة الناس". وعن عبد الله بن بريدة قال:"كان سلمان إذا أصاب الشيء اشترى به لحمًا، ثم دعا المجذومين فأكلوامعه".

وعن أبي الأحوص قال: افتخرت قريش عند سلمان الفارسي ، فقال سلمان: "لكني خلقت من نطفة قذرة، ثم أعود جيفة منتنة،ثم يؤدى بي إلى الميزان، فإن ثقلت فأنا كريم، وإن خفت فأنا لئيم".

من كلام سلمان الفارسي ومواعظه

عنحفص بن عمرو السعدي عن عمه قال: قال سلمان الفارسي  لحذيفة رضي الله عنه: "يا أخا بني عبس، العلم كثير والعمر قصير، فخذ من العلم ماتحتاج إليه في أمر دينك، ودع ما سواه فلا تعانه".

وعنقتادة قال: قال سلمان الفارسي رضي الله عنه : "إذا أسأت سيئة في سريرة فأحسن حسنة في سريرة، وإذا أسأت سيئة في علانية فأحسن حسنة في علانية؛ لكي تكون هذه بهذه".

وفاة سلمان الفارسي

لماحضرته الوفاة بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: "عهدٌ عهده إلينا رسول الله  قال:(ليكن بلاغُ أحدكم كزاد الراكب). قال: فلما مات نظروا في بيته فلم يجدوا في بيته إلا إكافًا ووطاءً ومتاعًا قُوِّمَ نَحْوًا من عشرين درهمًا. وقد كان سلمان الفارسي رضي الله عنه من المعمّرين، توفي بالمدائن في خلافة عثمان رضي الله عنه ،قيل: سنة ثنتين وثلاثين.

أول من اسلم من العبيد

 هو سيدنا بلال بن رباح مولى أبي بكر الصديق ، وأمه حمامة ، وهو مؤذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم

التعريف به :  

هو بلال بن رباح الحبشي و قيل أنه من مولدي الحجاز، المؤذن يكنى أبا عبد الله وقيل أبا عبد الكريم وقيل أبا عبد الرحمن وقال بعضهم يكنى أبا عمرو وهو مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه اشتراه ثم أعتقه وكان له خازنًا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنًا، واسم أبيه رباح واسم أمه حمامة .
عن مكحول قال: حدثني من رأى بلالًا أنه كان رجلا شديد الأدمة نحيفا طوالا أجنأ - أَشْرَفَ كاهِلُه على صدره - له شعر كثير خفيف العارضين، وقد ولد رضي الله عنه وأرضاه بعد حادث الفيل بثلاث سنين أو أقل .

 إسلامه :

 كان رضي الله عنه من السابقين إلى الإسلام، وقد رُوي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر اعتزلا في غار فبينما هما كذلك إذ مرّ بهما بلال وهو في غنم عبد الله بن جدعان وبلال مولد من مولدي مكة قال: وكان لعبد الله بمكة مائة مملوك مولد ؛ فلما بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم أمر بهم فأخرجوا من مكة إلا بلالا يرعى عليه غنمه تلك ؛ فأطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من ذلك الغار فقال: " يا راعي هل من لبن؟ " فقال بلال: ما لي إلا شاة منها قوتي فإن شئتما آثرتكما بلبنها اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إيت بها"
فجاء بها فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقعبه فاعتقلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلب في القعب حتى ملأه فشرب حتى روي ثم حلب حتى ملأه فسقى أبا بكر ثم احتلب حتى ملأه فسقى بلالا حتى روي ثم أرسلها وهي أحفل ما كانت ثم قال: "هل لك في الإسلام؟ فإني رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فأسلم وقال: "أكتم إسلامك"، ففعل وانصرف بغنمه وبات بها وقد أضعف لبنها فقال له أهله: لقد رعيت مرعى طيبا فعليك به فعاد إليه ثلاثة أيام يستقيهما ويتعلم الإسلام حتى إذا كان اليوم الرابع فمر أبو جهل بأهل عبد الله بن جدعان فقال: إني أرى غنمكم قد نمت وكثر لبنها! فقالوا: قد كثر لبنها منذ ثلاثة أيام وما نعرف ذلك منها! فقال: عبدكم ورب الكعبة يعرف مكان ابن أبي كبشة فامنعوه أن يرعى ذلك المرعى؛ فمنعوه من ذلك المرعى، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فاختفى في دار عند المروة وأقام بلال على إسلامه فدخل يوما الكعبة وقريش في ظهرها لا يعلم فالتفت فلم ير أحدا فأتى الأصنام وجعل يبصق عليها ويقول: خاب وخسر من عبدكن فطلبته قريش فهرب حتى دخل دار سيده عبد الله بن جدعان فاختفى فيها ونادوا عبد الله بن جدعان فخرج فقالوا: أصبوت؟ قال: ومثلي يقال له هذا! فعلي نحر مائة ناقة للات والعزى قالوا: فإن أسودك صنع كذا وكذا فدعا به فالتمسوه فوجدوه فأتوه به فلم يعرفه فدعا خوليه فقال: من هذا؟ ألم آمرك أن لا يبقى بها أحدا من مولديها إلا أخرجته؟ فقال: كان يرعى غنمك ولم يكن أحد يعرفها غيره؛ فقال لأبي جهل وأمية بن خلف: شأنكما به فهو لكما اصنعا به ما أحببتما...
قال سعيد بن المسيب وذكر بلالا: كان شحيحا على دينه وكان يعذب؛ فإذا أراد المشركون أن يقاربهم قال: الله الله قال: فلقي النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه فقال: " لو كان عندنا شيء لاشترينا بلالا " قال: فلقي أبو بكر العباس بن عبد المطلب فقال: اشتر لي بلالا فانطلق العباس فقال لسيدته: هل لك أن تبيعيني عبدك هذا قبل أن يفوتك خيره قالت: وما تصنع به إنه خبيث وإنه وإنه... ثم لقيها فقال لها مثل مقالته فاشتراه منها وبعث به إلى أبي بكر رضي الله عنه وقيل: إن أبا بكر اشتراه مدفون بالحجارة يعذب تحتها...
وكان رضي الله عنه من أول من هاجروا إلى المدينة المنورة...
وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبيدة بن الحارث بن المطلب وقيل آخى بينه وبين أبي رويحة الخثعمي، وكان بلال يقول: أبو رويحة أخي. قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنت أخوه، وهو أخوك".

مكانته و فضله :  

روى مسلم بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال عند صلاة الغداة: "يا بلال حدثني بأرجي عمل عملته عندك في الإسلام منفعة فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يدي في الجنة" قال بلال: ما عملت عملا في الإسلام أرجى عندي منفعة من أني لا أتطهر طهورا تاما في ساعة من ليل ولا نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي ان أصلي.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة وسمعت خشفة فقلت من هذا فقال هذا بلال...
وروى البخاري بسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان عمر يقول: "أبو بكر سيدُنا وأعتق سيدَنا يعني بلالًا"
وروى ابن عساكر... عن امرأة بلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاها فسلم فقال: " أثمَّ بلال" فقالت: لا. فقال: " لعلك غضبى على بلال " فقالت: إنه يجئني كثيرا فيقول: قال رسول الله. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما حدثك عني فقد صدقك، بلال لا يكذب، لا تغضبي بلالا فلا يقبل منك عمل ما غضب عليك بلال".
روى مسلم بسنده عن سعد بن أبي وقاص قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا قال وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع فحدث نفسه فأنزل الله عز وجل "ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه".
وكان بلال رضي الله عنه أول من أذن للصلاة وهو مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم.

الرسول يزوج بلالا :

 حدث زيد بن أسلم أن بني أبي البكير جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: زوج أختنا فلانا فقال لهم: " أين أنتم عن بلال؟ " ثم جاؤوا مرة أخرى فقالوا: يا رسول الله أنكح أختنا فلانا فقال: " أين أنتم عن بلال؟ " ثم جاؤوا الثالثة فقالوا: أنكح أختنا فلانا فقال: " أين أنتم عن بلال أين أنتم عن رجل من أهل الجنة! " قال: فأنكَحُوه.

قصة الأذان : 

قال محمد بن إسحاق: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمها أي المدينة إنما يجتمع الناس إليه للصلاة بحين مواقيتها بغير دعوة فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يجعل بوقا كبوق اليهود الذي يدعون به لصلواتهم ثم كرهه ثم أمر بالناقوس فنحت ليضرب به للمسلمين إلى الصلاة فبينما هم على ذلك أرى عبد الله بن زيد بن عبد ربه أخو الحارث بن الخزرج النداء فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا رسول الله إنه طاف بي هذه الليلة طائف مر بي رجل عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسا في يده فقلت يا عبد الله أتبيع هذا الناقوس فقال وما تصنع به قلت ندعو به إلى الصلاة فقال ألا أدلك على خير من ذلك قلت وما هو قال تقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله أشهد أن محمد رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ثم استأخر غير كثير ثم قال مثل ما قال وجعلها وترا إلا قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله فلما خبرتها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألقاها عليه فإنه أندى صوت منك فلما أذن بلال سمع عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجر رداءه وهو يقول يا نبي الله والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل ما رأى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلله الحمد فذاك أثبت.

رؤياه للمصطفى صلى الله عليه و سلم :

رأى بلالٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في منامه وهو يقول: "ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورنا" فانتبه حزينًا فركب إلى المدينة فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وجعل يبكي عنده ويتمرغ عليه فأقبل الحسن والحسين فجعل يقبلهما ويضمهما فقالا له: نشتهي أن تؤذن في السحر فعلا سطح المسجد فلما قال: " الله أكبر الله أكبر " ارتجت المدينة فلما قال: " أشهد أن لا إله إلا الله " زادت رجتها فلما قال: " أشهد أن محمدا رسول الله " خرج النساء من خدورهن فما رُئي يوم أكثر باكيا وباكية من ذلك اليوم.
  
وفاته :
 
لما احتضر بلال رضي الله عنه نادت امرأته: و احزاناه!
فقال: واطرباه! غدا ألقى الأحبة محمدًا و حزبَه.
وقد مات رضي الله عنه بدمشق سنة عشرين فدفن عند الباب الصغير في مقبرة دمشق وهو ابن بضع وستين سنة...

أول من أسلم من الموالي

نسبه : 

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبدالعزى بن امرىء القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة ‏‏.‏‏

 إسلامه :

ما حمل الرسول -صلى الله عليه وسلم- تبعة الرسالة حتى كان زيد ثاني المسلمين، بل قيل أولهم... أحبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- حبا عظيما، حتى أسماه الصحابة (زيد الحب)، وقالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: (ما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد بن حارثة في جيش قط الا أمره عليهم، ولو بقي حيا بعد الرسول لاستخلفه)... لقد كان زيد رجلا قصيرا، أسمرا، أفطس الأنف، ولكن قلبه جميع، وروحه حر... فتألق في رحاب هذا الدين العظيم.

 قصة سبائة :


هو زيد بن حارثة بن شراحيل من بني قضاعة، أبوأسامة، حبّ رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وقد كان زيد قد أصابه سباء في الجاهلية فاشتراه حكيم بن حزام فيسوق حباشة، وهي سوق بناحية مكة كانت مجمعًا للعرب يتسوقون بها في كل سنة، اشتراهحكيم لخديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فوهبته خديجة لرسول الله  صلى الله عليه و سلم فتبناه رسول الله  صلى الله عليه و سلم بمكة قبل النبوة، وهو ابن ثمان سنين وكان رسول الله  صلى الله عليه و سلم أكبر منه بعشر سنين, وقد قيل: بعشرين سنة وطاف به رسول الله صلى الله عليه و سلم  حين تبناه على حلق قريش يقول: "هذاابني وارثًا وموروثًا", يشهدهم على ذلك.
وقالأبوه حارثة بن شراحيل, حين فقده:
بكيـت علىزيد ولم أدر ما فعل *** أحي يرجى أم أتى دونه الأجـل
فوالله ماأدري وإن كنت سائلاً *** أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل
فيا ليتشعري هل لك الدهر رجعة *** فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل
تذكرنـيهالشمس عنـد طلوعه *** وتعرض ذكراه إذا قـارب الطـفل
وإن هبـتالأرواح هيجن ذكره *** فيا طول ما حزني عليه ويا وجـل
سأعمل نصالعيس في الأرض جاهدًا *** ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل
حـياتي أوتـأتي عـلي منيتي *** وكل امرئ فان وإن غـره الأجـل
سـأوصي بهعمرًا وقيسًا كليهم *** وأوصى يزيدًا ثم من بعـده جـبل
يعنىجبلة بن حارثة أخا زيد وكان أكبر من زيد, ويعني يزيد أخا زيد لأمه وهو يزيد بن كعببن شراحيل فحج ناس من كلب فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه, فقال لهم: أبلغوا عني أهليهذه الأبيات فإني أعلم أنهم قد جزعوا علي فقال:
أحن إلىقومي وإن كنت نائيًا *** فإني قعيد البيـت عند المشـاعر
فكفوا منالوجد الذي قد شجاكم *** ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر
فإني بحمدالله في خـير أسرة *** كرام معد كابرًا بعـد كابـر
فانطلقالكلبيون فأعلموا أباه فقال: ابني ورب الكعبة ووصفوا له موضعه وعند من هو. فخرجحارثة وكعب ابنا شراحيل لفدائه وقدما مكة فسألا عن النبي r فقيل: هو في المسجد فدخلا عليه فقال: يا ابن عبد المطلب يا ابنهاشم يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون العاني وتطعمون الأسيرجئناك في ابننا عندك فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه. قال: "ومنهو",قالوا: زيد بن حارثة. فقال رسول الله r: "فهلا غير ذلك"!
قالو:وما هو قال: "ادعوه فأخيره فإناختاركم فهو لكم وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدا".قال: قد زدتنا على النصف وأحسنت فدعاه فقال: "هل تعرف هؤلاء", قال: نعم.قال: "من هذا", قال: هذا أبي,وهذا عمي. قال: "فأنا من قد علمتَ ورأيتَ صحبتي لك فاخترني أو اخترهما". قال زيد: ما أنا بالذي أختارعليك أحدًا، أنت مني مكان الأب والعم. فقالا: ويحك يا زيد!
أتختارالعبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وعلى أهل بيتك!
قال:نعم قد رأيت من هذا الرجل شيئًا. ما أنا بالذي أختار عليه أحدًا أبدًا. فلما رأى رسول الله  صلى الله عليه و سلم ذلك أخرجه إلى الحجر فقال: "يا من حضر,اشهدوا أن زيدًا ابني يرثني وأرثه". فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما فانصرفا. ودعي زيد بن محمد حتى جاء الإسلام فنزلت: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5]. فدعي يومئذ زيد بن حارثة ودعي الأدعياء إلى آبائهم فدعي المقداد بن عمرو وكان يقال له قبل ذلك:المقداد بن الأسود؛ لأن الأسود بن عبد يغوث كان قد تبناه.
وذكرمعمر في جامعه عن الزهري قال: ما علمنا أحدًا أسلم قبل زيد بن حارثة.
كانرضي الله عنه أول من أسلم من الموالي، أسلم في العشرينات من عمره، وكان ربيب بيت النبوة, فلا شك أنه أخذ عن حبيبه رسول الله  صلى الله عليه و سلم الكثير.
ونزل في حقه قرآن يتلى إلى يوم الدين: عن قتادة في قوله تعالى: {وَإِذْتَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْه} [الأحزاب: 37], وهو زيدبن حارثة أنعم الله عليه بالإسلام وأنعمت عليه, أعتقه رسول الله  صلى الله عليه و سلم ،بل إنه الوحيد من صحابة رسول الله  صلى الله عليه و سلم الذي جاء اسمه في كتاب الله: {وَإِذْتَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْلا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُاللَّهِ مَفْعُولاً} [الأحزاب: 37].
وعن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه كان يقول: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزل في القرآن: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّه} [الأحزاب: 5].

في قصة زواجه من زينب وتطليقه لها وزواج الرسول صلى الله عليه و سلم منها:

عن عمر بن عثمان الجحشي عن أبيه قال قدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة وكانت زينب بنت جحش ممن هاجر مع رسول الله  صلى الله عليه و سلم وكانت امرأة جميلة فخطبها رسول الله صلى الله عليه و سلم على زيد بن حارثة فقالت: لا أرضاه وكانت أيم قريش، قال: "فإني قد رضيته لك"، فتزوجها زيد.. الحديث.
قال ابن عمر فحدثني عبد الله بن عامر الأسلمي عن محمد بن يحيى بن حبان قال جاء رسول الله  صلى الله عليه و سلم بيت زيد بن حارثة يطلبه وكان زيد إنما يقال له: زيد بن محمد فربمافقده رسول الله  صلى الله عليه و سلم الساعة فيقول: أين زيد فجاء منزله يطلبه فلم يجده, فتقوم إليه زينب فتقول له: هنا يا رسول الله فولى يهمهم بشيء لا يكاد يفهم عنه إلا سبحان الله العظيم سبحان الله مصرف القلوب فجاء زيد إلى منزله فأخبرته امرأته أن رسول الله  صلى الله عليه و سلم أتى منزله فقال زيد ألا قلت له يدخل قالت قد عرضت ذلك عليه وأبى قال فسمعته يقول شيئا قالت سمعته حين ولى تكلم بكلام لا أفهمه وسمعته يقول سبحان الله العظيم سبحان الله مصرف القلوب، قال: فخرج زيد حتى أتى رسول الله  صلى الله عليه و سلم , فقال: يا رسول الله بلغني أنك جئت منزلي, فهلا دخلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله, لعل زينب أعجبتك فأفارقها فيقول رسول الله  صلى الله عليه و سلم :أمسك عليك زوجك فما استطاع زيد إليها سبيلاً بعد ذلك, ويأتي رسول الله  صلى الله عليه و سلم فيخبره, فيقول: أمسك عليك زوجك, فيقول: يا رسول الله إذًا أفارقها, فيقول رسول الله  صلى الله عليه و سلم : احبس عليك زوجك, ففارقها زيد واعتزلها وحلت, قال: فبينما رسول الله صلى الله عليه و سلم جالس يتحدث مع عائشة رضي الله عنها, إذ أخذت رسول الله  صلى الله عليه و سلم غيمة ثم سري عنه وهو يتبسم وهو يقول: من يذهب إلى زينب يبشرها أن الله عز و جل زوجنيها من السماء وتلا رسول الله r: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْه} [الأحزاب: 37]. القصة كلهاقالت عائشة رضي الله عنها: فأخذني ما قرب وما بعد لما كان بلغني من جمالها وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها ما صنع الله لها, زوجها الله  عز و جل من السماء, وقالت عائشة: هي تفخر علينا بهذا.
حدثناأبو قتادة فارس رسول الله  صلى الله عليه و سلم قال: بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم جيش الأمراء, قال: "عليكم زيدبن حارثة, فإن أصيب زيد فجعفر, فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة",فوثب جعفر فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله, ما كنت أرغب أن تستعمل عليَّ زيدًا,فقال: "امض فإنك لا تدري في أي ذلك خير",فانطلقوا فلبثوا ما شاء الله, ثم إن رسول الله صلى الله عليه و سلم صعد المنبر وأمر أن ينادى: الصلاة جامعة: فقال: "ألاأخبركم عن جيشكم هذا الغازي, انطلقوا فلقوا العدو فأصيب زيد شهيدًا, استغفروا له فاستغفر له الناس, ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب فشد على القوم حتى قتل شهيدًا, استغفرواله, ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فثبتت قدماه حتى قتل شهيدًا, استغفروا له ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء, هو أمر نفسه, ثم رفع رسول الله  صلى الله عليه و سلم ضبعيه, ثم قال: اللهم هو سيف من سيوفك فانصره فمن يومئذ سُمي خالد بن الوليد سيف الله".
وكانت مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، وقتل زيد يومئذ وهو ابن خمس وخمسين سنة.

المصدر : من فقرة قصة سبائة ( موقع قصة الإسلام )

أول من أسلم من الرجال الأحرار

نسبه و نشأته :

إسمه عبد الله - ويقال عتيق بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي رضي الله عنه روى عنه خلق من الصحابة وقدماء التابعين ، من آخرهم : أنس بن مالك ، وطارق بن شهاب ، وقيس بن أبي حازم ، ومرة الطيب . قال ابن أبي مليكة وغيره ، إنما كان عتيق لقبا له . وعن عائشة ، قالت : اسمه الذي سماه أهله به " عبد الله " ولكن غلب عليه " عتيق " . وقال ابن معين : لقبه عتيق ؛ لأن وجهه كان جميلا ، وكذا قال الليث بن سعد . وقال غيره : كان أعلم قريش بأنسابها . وقيل : كان أبيض ، نحيفا ، خفيف العارضين ، معروق الوجه ، غائر العينين ، ناتئ الجبهة ، يخضب شيبه بالحناء والكتم . وكان أول من آمن من الرجال . وقال ابن الأعرابي : العرب تقول للشيء قد بلغ النهاية في الجودة : عتيق .  
وعن عائشة ، قالت : ما أسلم أبو أحد من المهاجرين إلا أبو بكر . وعن الزهري ، قال : كان أبو بكر أبيض أصفر لطيفا جعدا مسترق الوركين ، لا يثبت إزاره على وركيه . وجاء أنه اتجر إلى بصرى غير مرة ، وأنه أنفق أمواله على النبي صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر "
  

إسلامه : 

 بادر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى صديقه الحميم أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ ليخبره بما أكرمه الله به من النبوة والرسالة، ويدعوه إلى الإيمان به، فآمن به دون تردد، وشهد شهادة الحق، فكان أول من آمن بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الرجال، إذ كان من أخص أصحابه قبل البعثة، عارفا به ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبأخلاقه، وكان يعلم من صدق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمانته ما يمنعه من الكذب على الخلق، فكيف يكذب على الله؟!. ولذا بمجرد ما ذكر له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الله أرسله رسولا، سارع إلى تصديقه والإيمان به، ولم يتردد..  
وقد روى ابن إسحاق عن بداية إسلام أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ فقال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الحصين التميمي أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة و تردد و نظر، إلا أبا بكر ما عكم عنه حين دعوته، و لا تردد فيه ) ما عكم: ما تباطأ بل سارع ..
يقول ابن إسحاق : " .. كان أبو بكر رجلا مؤلفا لقومه محببا سهلا، وكان أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بها، وبما كان فيها من خير وشر، وكان رجلا تاجرا، ذا خلق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر، لعلمه وتجارته وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام، من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه ".
لقد كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ كنزاً من الكنوز، ادخره الله تعالى لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وكان من أحب قريش لقريش، فذلك الخُلق السمح الذي وهبه الله تعالى إياه جعله من الذين يألفون ويؤلفون، والخُلق السمح وحده عنصر كاف لألفة القوم، وهو الذي قال فيه  الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أرحم أمتي بأمتي أبو بكر )( الترمذي ) .
ولما كان رصيده ـ رضي الله عنه ـ العلمي والاجتماعي في المجتمع المكي عظيماً، استجاب له في دعوته للإسلام صفوة من خيرة الخلق، من العشرة المبشرين بالجنة، منهم: عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ ..
وكان هؤلاء الأبطال الخمسة أول ثمرة من ثمار الصديق - رضي الله عنه -، دعاهم إلى الإسلام فاستجابوا، وجاء بهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فُرادَى، فأسلموا بين يديه، فكانوا الدعامات الأولى التي قام عليها صرح الدعوة، وكانوا العدة الأولى في تقوية جانب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم تتابع الناس يدخلون في دين الله أفواجا .
إن تحرك أبي بكر - رضي الله عنه - في الدعوة إلى الله تعالى، يوضح صورة من صور الإيمان بهذا الدين والاستجابة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، صورة المؤمن الذي لا يقر له قرار، ولا يهدأ له بال، حتى يحقق في دنيا الناس ما آمن به، دون أن تكون انطلاقته دفعة عاطفية مؤقتة، سرعان ما تخمد وتذبل وتزول، فقد ظل نشاط أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ وحماسه إلى دينه ودعوته حتى توفاه الله، ولم يفتر أو يضعف .
ومن الملاحظ والمشاهد في عالم الواقع، أن أصحاب الجاه لهم أثر كبير في كسب أنصار للدعوة، ولهذا كان أثر أبي بكر - رضي الله عنه - في الإسلام أكثر من غيره .. فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( ما نفعني مال قط، ما نفعني مال أبي بكر . فبكى أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ وقال: وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله ) ( ابن ماجة ) .
وبعد أن كانت صحبة الصديق ـ رضي الله عنه ـ لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مبنية على مجرد الاستئناس والتوافق النفسي والخُلُقي، صارت الصحبة بالإيمان بالله، وبالمؤازرة في الشدائد، واتخذ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ صاحبا له طوال حياته .. وقد لقب ـ رضي الله عنه ـ في القرآن الكريم بالصاحب، قال تعالى: { إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبِه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم } (التوبة الآية:40)، وقد أجمعت الأمة على أن الصاحب المقصود هنا هو أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ .
ولقب كذلك ـ رضي الله عنه ـ بالصديق، لكثرة تصديقه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وفي هذا تروي أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ فتقول: ( لما أسري بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المسجد الأقصى، أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناس كانوا آمنوا به وصدقوه، وسعى رجال إلى أبي بكر ، فقالوا: هل لك إلى صاحبك؟، يزعم أن أُسْرِي به الليلة إلى بيت المقدس، قال: وقد قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن قال ذلك فقد صدق . قالوا: أوَ تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس، وجاء قبل أن يصبح؟!، قال نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة، فلذلك سمي أبو بكر الصديق ) ( الحاكم ) .
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ : أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صعد أُحُداً، و أبو بكر وعمر وعثمان ، فوجف بهم، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( اثبت أحد، ما عليك إلا نبي، وصديق، وشهيدان ) ( أحمد ). والشهيدان: عمر وعثمان ـ رضي الله عنهما ـ، والصديق: أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ ..
لقد شرف الله أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ بصحبة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وملازمته والقرب منه حيا وميتا، فقد دفن ـ رضي الله عنه ـ بجوار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ومن ثم فلا يجتمع في قلب عبد حب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبغض أبى بكر ، وتعظيم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ والحط من منزلة أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ ..
وبعد إسلام أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ مضت الدعوة إلى الله في مهدها الأول، سرية وفردية، وقائمة على الاصطفاء والاختيار للعناصر التي تصلح أن تتكون منها الجماعة المؤمنة، التي ستسعى لإقامة دولة الإسلام، ودعوة الناس إلى دين الله، والتي ستقوم حضارة ربانية لا مثيل لها على أيديهم، وكان أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ من أعمدة هذه الدعوة ..


أبو بكر الصديق وإنكار الذات


أبوبكر الصديق قدم أروع الأمثلة الإسلامية على صفة إنكار الذات؛ فقد أنكر رضي اللهعنه ذاته في حق الله عز وجل، فلا يأمره الله بشيء ولا ينهى عن شيء إلا امتثل،واستجاب مهما كانت التضحيات, وكذلك أنكر ذاته في حق رسولالله ومع المؤمنين, ومواقفه في إنكار ذاته مع الرسول لا تحصى، فكيف كان إنفاق الصديقفي سبيل الله؟
كان الصديق t من أروع الأمثلة الإسلامية على صفة إنكار الذات؛ أنكر الصديق رضي الله عنه ذاته في حق الله عز و جل ، فلا يأمره الله بشيء ولا ينهى عن شيء إلا امتثل، واستجاب مهماكانت التضحيات..
الصديقأنكر ذاته في حق رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ومواقفه في إنكار ذاته مع الرسول لا تحصى، فهو لم يكن يرى نفسهمطلقًا بجوار رسول الله  صلى الله عليه و سلم .. والصديق قد أنكر ذاته مع المؤمنين، حتى من أخطأ في حقه منهم، بلحتى من تجاوز خطؤه الحدود المألوفة المعروفة بين الناس.
إنكـارالذات معناه: أن الإنسان لا يرى نفسه مطلقًا، ليس لنفسه حـظٌّ في حياته، وإن كانحلالاً، وإن كان مقبولاً في عرف الناس، وفي الشرع، لكنه دائمًا يؤخر نفسه، ويقدمغيره.
إنكارالذات معناه: أن تتخلص النفس من حظ النفس، فلا تهتم بثنـاءٍ، ولا مدح، ولا تنتظرأن يشار إليها في قول أو فعل.
إنكارالذات معناه: أن تؤخر حاجات النفس الضرورية، وتقدم حاجات الآخـرين، حتى وإن لمتربطك بهم صلات، أو علاقات رحم، أو مصلحة، أو مـال.
إنكـارالذات هو أعلى درجات السمو في النفس البشرية، تقترب فيه النفس من الملائكة، بللعلها تفوق الملائكة، لأن الملائكة جبلت على الطـاعة، أما الإنسان فهو مخير بينالخير، والشر.
ولعلأكثر مثل يوضح لنا إنكار الذات نجده في الأم، في تعاملها مع أولادها، وليس معنىإنكار الذات، أن الإنسان لا قيمة له، بل على العكس، فالمنكرون لذواتهم هم أعلىالناس قيمةً، وأرفعهم قدرًا، لكنهم لا ينتظرون من الناس مقابلاً لذلك.
الأممثلاً لا ترى نفسها أمام أولادها، قد تتعب، قد تـسـهر، قد تنفق، قد تـسـاعد، تفعلأي شيء، أي شيء، وهي سعيدة بذلك؛ لأنها أسعدت أولادها، ولا ترى ما أصابها من تعبأو سهر أو مرض، هذه هي الأم.
بيدأن إنكار الذات عند المؤمن أعلى من ذلك، أعلى من ارتباط الأم بوليدها، لمـاذا؟
ذلكلأن الأم ترتبط بوليدها برابطة فطرية، طبيعية، كما أنها لا تنكر ذاتها إلا معأطفالها، فقد لا تفعل ذلك مع جيرانها، أو معارفها، أو أقاربها، أو حتى مع زوجها،أمـا المؤمن الذي يفعل ذلك، فإنه ينكر ذاته في حياته كلها، مع القريب والبعيد، معالأهل، وغيرهم، مع الأصحاب، وغير الأصحاب، بل قد يفعل ذلك مع من أخـطـأ في حقهوآذاه، صفة عجيبة حقًّا، صعبة، عالية جدًّا، في أعلى درجات سلم الإيمـان.

أين حظ النفس عند الصديق؟

ولقدكان الصديق رضي الله عنه   من أروع الأمثلة الإسلامية على صفة إنكار الذات، أنكر الصديق رضي الله عنه ذاته في حق الله عز و جل ، فلا يأمره الله بشيء، ولا ينهى عن شيء، إلا امتثل، واستجاب، مهماكانت التضحيات، الصديق أنكر ذاته في حق رسول الله r، ومواقفه في إنكار ذاته مع الرسول لا تحصى، فهو لم يكن يرى نفسهمطلقًا بجوار رسول الله صلى الله عليه و سلم ، والصديق قد أنكر ذاته مع المؤمنين، حتى من أخطأ في حقه منهم، بلحتى من تجاوز خطؤه الحدود المألوفة، المعروفة بين الناس
ابحثفي حياة الصديق، ونَقّب، أين حظ النفس عند الصديق؟
لاتجد، أين إشباع الرغبات الطبيعية عند البشر من حبٍّ للمال، وحبٍّ للجاه، والسلطان،وحب للسعادة، وحب الظهور، بل حب الحـيـاة؟
أينذلك عند الصديق؟
لنتجده أبدًا، مثال عجيب من البشر، وآية من آيات الرحمن في خلقه،
ولعلنانكتفي هنا بالمرور السريع على مثال من إنكار الصديق لذاته، ولعلنا نتوقف عندالمـال مثلاً.
أينحظ الصديق من ماله؟
جبل الصديق رضي الله عنه على حب العطاء، حتى لتشعر وأنت تقرأ سيرته أنه يستمتع بالعطاءويبحث عنه، وهذا شيء عجيب، فالإنسان بصفة عامة جبل على حب المال حبًّا شديدًا، قالعز و جل : {وَتُحِبُّونَ المَالَحُبًّا جَمًّا} [الفجر: 20].
وقال:{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَرَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنْفَاقِ وَكَانَ الإِنْسَانُقَتُورًا} [الإسراء: 100].
أيشديد البخل وشديد المنع، الصديق لم يكن كذلك، وسبحان الذي سَوّاه على هذه الصورة،فالصديق كان يحب الإنفاق حتى في الجاهلية قبل أن يسلم. عمله في ضمان الديات: كان رضي الله عنه قبل إسلامه مسئولاً عن ضمان الديات والمغارم في مكة، فإذا سأل قريشًا ضمانًاقبلوه، وإذا سألهم غيره خذلوه، وهذا عمل خطير، فقد يتحمل الصديق دية رجل، ثم لايوفي أهله، فيكون على الصديق قضاؤها، أي أنه عمل فيه خسارة، ويحتاج إلى كثير منالمال، وإلى نفس راغبة في قضاء حوائج الناس، وتحمل مغارمهم، إذا كان هذا هو الصديققبل إسلامه، فما بالكم بعد أن أسلم؟
مابالكم كيف يكون حاله إذا سمع من رسول الله r حديثًا قدسيًّا ينقله عن رب العزة U يقول فيه الله تعالى: "انْفِقْيَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ؟".
وذلككما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة t، بل كيف يكون حاله وقد سمع رسول الله r يقسم أن مال العبد لا ينقص من الصدقة؟ الصديق لا يحتاج إلى قسمالرسول صلى الله عليه و سلم ليصدقه، الصديق t كان واضعًا نصب عينيه حقيقة ما اختفت لحظة عن بصره وعقله وقلبه،تلك الحقيقة هي:
إنكان قال فقد صدق.
هكذا،مجرد القول يعني عنده التصديق الكامل الذي لا شك فيه، فما بالكم إذا سمعه  صلى الله عليه و سلم  يقسم؟

الصديق ينفق ماله كله في سبيل الله :

هذهالطبيعة الفطرية، وهذا اليقين في كلام رسول الله r يفسر لنا كثيرًا من مواقف الصديق t، فالصديق رضي الله عنه شاهد مع بدايات الدعوة في أرض مكة، التعذيب الشديد والتنكيلالأليم بكل من آمن من العبيد، والعبيد في ذلك الزمان يباعون ويشترون، وليس لهمأدنى حق من الحقوق، تألمت نفس الصديق الرقيقة لهذه الوحشية المفرطة من الكفار مكة،وسارع بماله ينقذ هذا، ويفدي ذاك، يشتري العبد، ثم يعتقه لوجه الله، هكذا {لاَنُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا} [الإنسان :9].
مررضي الله عنه ببلالٍ رضي الله عنه ، وهو يعذب على صخور مكة الملتهبة، وعلى صدره الأحجار العظيمة،فساوم عليه سيده أمية بن خلف عليه لعنة الله، وعرض عليه أن يشتريه، أو يبادله بعبدآخر أجلد منه، وأقوى، وليس بمسلم، وفي رواية أنه اشتراه بسبع أوقيات من الذهب،ودار حوار رائع بين الصديق رضي الله عنه ، وبين أمية بن خلف عليه لعنة الله، قال أمية يريد أن يبث الحسرةفي قلب الصديق: لو عرضت عليَّ أوقية واحدة من الذهب لبعته لك. قال الصديق العظيم رضي الله عنه في هدوء: لو طلبت مائة أوقية من الذهب لأشتريه.
سبحانالله، فارتدت الحسرة في قلب أمية بن خلف، أمية بن خلف المشرك لا يدرك قيمة بلال،بعد أن أسلم، لكن الصديق رضي الله عنه يدرك ذلك، فهذا العبد الأسود القليل في نظر المشركين، وأهلالدنيا، هذا العبد ذاته ثقيل في ميزان الله U، بما يحمل في قلبه من إيمان وتوحيد وإسلام، هذه المعاني الرقيقةالسامية لا يفهمها أهل المادة، لكن يفهمها الصديق بعمق ويتعامل على أساسها.
اشترىالصديق رضي الله عنه أم عبيس رضي الله عنها وأعتقها، واشترى زنيرة رضي الله عنهاوأعتقها، واشترى النهدية وابنتها رضي الله عنهما وأعتقهما، ولهما قصة لطيفة رواهاابن إسحاق في سيرته، كانت النهدية وابنتها ملكًا لامرأة من بني عبد الدار، مر بهماالصديق  رضي الله عنه ، وقد بعثتهما سيدتهما بطحين لها وهي تقول: والله لا أعتقكماأبدًا. قال أبو بكر الصديق  رضي الله عنه : حلّ يا أم فلان. أي تحللي من يمينك، فقالت: حل أنت، أفسدتهافأعتقهما. قال: فبكم هما؟ قالت بكذا وكذا، قال الصديق t: قد أخذتهما، وهما حرتان، ارجعا إليها طحينها.
هنانجد ردًّا لطيفًا عجيبًا من الجارتين المسلمتين اللتين تخلقتا بخلق الإسلام الرفيعقالتا: أو نفرغ منه يا أبا بكر، ثم نرده إليها؟
سبحانالله، بعد النجاة من هذا الظلم الشديد، والسخرة المهينة ما زالتا تحرصان على مالسيدتهما، قال الصديق  رضي الله عنه : ذلك إن شئتما.
ومرالصديق  رضي الله عنه بجارية بني مؤمل (حي من بني عدي) وكانت مسلمة، وكان عمر بن الخطابرضي الله آنذاك مشركًا، وكان شديد الغلظة على المسلمين، وكان يضربها ضربًا مؤلمًالساعات طوال، ثم يتركها ويقول: إني لم أتركك إلا عن ملالة. مر بها الصديق  رضي الله عنه ،فابتاعها ثم أعتقها لوجه الله.
ودعاالصديق  رضي الله عنه غلامه عامر بن فهيرة إلى الإسلام، فلما أسلم أعتقه أيضًا لوجهالله.
وكمارأينا فإن الصديق  رضي الله عنه لم يكن يفرق بين عبد وأمة، أو قوي وضعيف، هذا الأمر لفت نظر أبيهأبي قحافة فقال له: يا بني إني أراك تعتق رقابًا ضعافًا، فلو أنك إذ فعلت أعتقت رجالاًجلدًا، يمنعونك، ويقومون دونك؟ ولا ننسى أن الصديق t من بطن ضعيف من بطون قريش، فقال الصديق t في إيمان عميق: يا أبت إني إنما أريد ما أريد لله عز و جل.
فأنزلالله في حقه قرآن كريمًا، قال عز و جل : {وَسَيُجَنَّبُهَاالأَتْقَى * الَّذِييُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى *وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِالأَعْلَى *وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل17: 21].
قالابن الجوزي: أجمع العلماء أنها نزلت في أبي بكر الصديق t.
وتخيلمعي أن الله عز و جل  ينزل قرآنًا يشهد فيه للصديق بالتقوى، بل بأنه الأتقى، ويشهد لهبإخلاص النية، فهو يريد أن يتزكى، ولا يريد جزاء من أحد، وإنما يريد وجه الله فقط،ثم انظر الوعد الرباني الجليل العظيم، ولسوف يرضى، ومهما تخيلت من ثواب وجزاءونعيم، فلا يمكن أن تتخيل ما أعده الله U لمن وعد بإرضائه {وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: 21].
روىأبو داود في سننه عن أبي هريرة  رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله r: "أَمَا إِنَّكَ يَاأَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي".
الصديق رضي الله عنه كان يملك عند إسلامه أربعين ألف درهم، أنفقها جميعًا في سبيل الله عز و جل ، أنفق منها خمسة وثلاثين ألف درهم في مكة، حتى لم يبق إلا خمسةآلاف درهم، أخذها معه في الهجرة أنفقها على رسول الله وعلى المؤمنين، حتى فنيماله، أو قل: بقي ماله. وليس: فني ماله. فالذي يبقى هو الذي يُنفق في سبيل الله،والذي يفنى هو الذي يُمْسك في يد العبد، ولكن تخيل قدر هذا الإنفاق لا بد أن نعرفقيمة هذه الأربعين ألف درهم في زماننا، لا تنسى أننا نتحدث عن زمن مر عليه أكثر منألف وأربعمائة عام، إذا كانت قيمة الجنيه المصري مثلاً قد تغيرت كثيرًا في غضونعشرة أو عشرين أو ثلاثين سنة، فما بالك بألف وأربعمائة من السنين تعالوا نقومبحسبة لطيفة، ورد في بعض الأحاديث عن رسول الله r أنه اشترى شاة بدرهم، إذن الصديق t كان يملك ما يساوي أربعين ألف شاة، ونحن اليوم نشتري الشاة بمتوسط800 جنيه مصري مثلاً، إذن الصديق t كان يملك ما يساوي 32 مليونًا من الجنيهات المصرية، يعني أكثر من6 مليون دولار، وطبعًا كان الدرهم له قيمته، ولم يكن هناك تضخم، ولا أزمةاقتصادية، ولا تعويم للدرهم.
سبحانالله أنفق كل هذه الثروة الطائلة في سبيل الله، وفوق ذلك كان تاجرًا لم يتوقف عنتجارته، فهناك إنفاق فوق كل هذه الأموال المدخرة، وفوق ذلك هناك إنفاقه في المدينةالمنورة من تجارته هناك، فقد أنفق كل أمواله في فترة مكة كما ذكرنا، لكن عاودالكسب من جديد، فمثلاً أنفق في تبوك أربعة آلاف درهم (حوالي مليون ونصف جنيه مصري)كانت هي كل ما يملك من مال، ولم يترك لأهله إلا كما قال: تركت لهم الله ورسوله.
هذاالإنفاق العجيب، والنفس المعطاءة هو الذي دفع رسول الله r أن يقول فيما رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة وأرضاه: "مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ مَانَفَعَنَي مَالُ أَبِي بَكْرٍ". فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ:هَلْ أَنَا وَمَالِي إِلا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهَ.
وفيرواية الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله r: "مَا لأَحَدٍ عِنْدَنَايَدٌ إِلاَّ وَقَدْ كَافَأْنَاهُ، مَا خَلا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَايَدًا يُكَافِئُهُ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا نَفَعَنِي مَالٌقَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ".

المصدر : من فقرة ابوبكر الصديق و انكار الذات ( موقع قصة الإسلام )